فإن قيل: فما الفرق بين هذا التسلسل وبين التسلسل في تمام تأثير معين بعد معين.
قيل: الفرقف بينهما من وجوه:
أحدها: أن هؤلاء قد قالوا إنه مؤثر تام في الأزل، والمؤثر التام مستلزم أثره معه، فيلزمكم أن لا يحدث عنه شيء، بل تكون جميع الممكنات قديمة أزلية، وهذا باطل بالحس والمشاهدة.
فادعوا أمرين باطلين: أحدها: أنه كان مؤثراً تاماً في الأزل، وأن المؤثر التام يكون أثره معه في الزمان حتى يكون الأثر مقارناً للمؤثر في الزمان.
فإن قيل: إنه يتقدم عليه بالعلية، وهذا بخلاف قول من قال: لم يزل مؤثراً في شيء بعد شيء، فهذا لم يقل إنه كان مؤثراً في الأزل في شيء قط، ولم يكن مؤثراً تاماً في الأزل قط.
الثاني: أنهم إن قالوا: إن الأثر يجب أن يقارنه أثره في الزمان لزم أن لا يحدث شيء.
وإن قالوا: بل الأثر عقب المؤثر في الزمان لزم أن لا يكون معه قديم، وحينئذ فمن قال بهذا قال: إنه لم يزل مؤثراً في شيء بعد شيء، وكل ما سواه حادث مسبوق بالعدم.
الثالث: أن هؤلاء يقولون: كل حادث معين لا بد أن يحدث تمام تأثيره فيكون هو حادثا عقب تمام التأثير، فأي شيء كونه الله كان عقب