ومن قال إنه محدث كنحو زهير، ومن قال: إنه حدث كنحو أبي معاذ التومني - يقولون: إن القرآن ليس بجسم ولا عرض) .
وأما الحجة التي احتج بها الرازي للنفاة فهي أيضاً ضعيفة من وجوه.
أحدها: أن المقدمة التي اعتمد عليها فيه قوله: (إن الخالي عن الكمال الذي يمكن الاتصاف به ناقص) .
فيقال: معلوم أن الحوادث المتعاقبة لا يمكن الاتصاف بها في الأزل، كما لا يمكن وجودها في الأزل، فإن ما كان وجوده مشروطاً بحادث سابق له امتنع إمكان وجوده قبل وجود شرطه، وعلى هذا: فالخلو عن هذه في الأزل لا يكون خلواً عما يمكن الاتصاف به، والخالي عما لا يمكن اتصافه به ليس بناقص.
الوجه الثاني: أن يقال: هو لم يثبت امتناع ما ذكره من النقص بدليل عقلي، ولا ينص كتاب ولا سنة، بل إنما أثبته بما ادعاه من الإجماع.
وهذه طريقته وطريقة أبي المعالي قبله ومن وافقهم، يقولون: إن امتناع النقص على الله تعالى إنما علم بالإجماع، لا بالنص ولا بالعقل، وإذا كان كذلك فمعلوم أن المنازعين في اتصافه بذلك هم من أهل الإجماع، فكيف يحتج بالإجماع في مسائل النزاع؟