يكن له اختصاص بالحيز، فلا يعقل حصول الجسم المختص بالحيز في محل غير مختص بالحيز، وإذا كان محله ذاهباً في الجهات كان جسماً، وحينئذ فالقول في اختصاصه بذلك الحال فيه كالقول في الحيز لا يجوز أن يكون للجسمية أو لوازمها، بل لأمر عارض ممكن الزوال، فيكون ذلك الحيز ممكن الزوال، وهو المقصود) .
قلت: ولقائل أن يقول: هذا الدليل مبني على تماثل الأجسام، وأكثر العقلاء على خلافه، وقد قرر الرازي في موضع آخر أنها مختلفة لا متماثلة.
وهو مبني أيضاً على الكلام في الصورة والمادة، ونحو ذلك مما ليس هذا موضع بسط الكلام فيه، لكن يبين فساده ببيان موضع المنع في مقدماته.
قوله:(إن كان الامتناع لغير الجسمية أفضى إلى التسلسل) ممنوع، فإن الأجسام إذا كانت مشتركة في مسمى الجسمية، وقد اختص بعضها بصفات أخرى، لم يجب في ذلك التسلسل، كما في سائر الأمور التي تشترك في شيء وتفترق في شيء، فالمقادير والحيوانات إذا اشتركت في مسمى القدر والحيوانية، واختص بعضها عن بعض بشيء آخر لازم له، لم يلزم التسلسل، سواء قيل بتماثل الأجسام أو اختلافها، فإنه إن قيل باختلافها كانت ذات كل واحد موصوفة بصفات لازمة لها لا توجد في الآخر، كسائر الحقائق المختلفة، وإن قيل بتماثلها كتماثل أفراد النوع، فالموجب لوجود كل فرد من تلك