الأفراد هو الموجب لصفاته اللازمة له، لا تفتقر صفاته اللازمة له إلى موجب غير الموجب لذاته، وقد بسط هذا في غير هذا الموضع، وبين فيه فساد ما يقوله المنطقيون: من أن اختلاف أفراد النوع إنما هو بسبب المادة القابلة، ونحو ذلك، فإنهم بنوه على أن للحقيقة الموجودة في الخارج سبباً غير سبب وجودها، وهذا غلط لا يستريب فيه من فهمه، مع أنه لاحاجة بنا هنا إلى هذا، بل نقول: مجرد اشتراك الاثنين في كون كل منهما جسماً أو متحيزاً أو موصوفاً أو مقدراً أو غير ذلك، لا يمنع اختصاص أحدهما بصفات لازمة له، وليس إذا احتاج اختصاصه بالحيز إلى سبب غير الجسمية المشتركة يلزم أن يكون ذلك المخصص له مخصص آخر، بل المشاهد خلاف ذلك، فإن اختصاص الأجسام المشهودة بأحيازها ليس للجسمية المشتركة، بل لأمر يخصها، هو من لوازمها، بمعنى أن المقتضي لذاتها هو المقتضى لذلك اللازم.
وأيضاً، فقوله:(إن كان الامتناع لمعروض الجسمية فهو محال) ممنوع.
وقوله:(لأن المعقول من الجسمية الامتداد في الجهات فمحله لا بد أن يكون له ذهاب في الجهات) .
يقال له: محل الامتداد في الجهات هو الممتد في الجهات، كما أن محل التحيز هو المتحيز، ومحل الطول والعرض والعمق هو الطويل