فيقال: هؤلاء إنما قاسوا على افتقار الكتابة إلى كاتب، والبناء إلى بان، ونحو ذلك.
ومعلوم أن البناء والكاتب لم يبدع جسماً، وإنما أحدث في الأجسام تأليفاً خاصاً، وهو عرض من الأعراض.
فكيف يجعل مثل هذا محدثاً للذوات، ويجعل الذي خلق الإنسان من نطفة، والشجرة من نواة، إنما أحدث الصفات؟ لكن المعتزلة لا يقولون: إن الجسم يحدث جسماً، وإنما يحدث عرضاً.
والثاني: من معاني المادة والصورة: هي الطبيعية، وهي صورة الحيوانات والنباتات والمعادن ونحو ذلك، فهذه إن أريد بالصورة فيها نفس الشكل الذي لها فهو عرض قائم بجسم، وليس هذا مراد الفلاسفة.
وإن أريد بالصورة نفس هذا الجسم المتصور، فلا ريب أنه جوهر محسوس قائم بنفسه.
ومن قال:(إن هذا عرض قائم بجوهر) من أهل الكلام فقد غلط، وحينئذ فيقول المتفلسف: إن هذه الصورة قائمة بالمادة والهيولى، إن أراد بذلك ما خلق منه الإنسان كالمني - وهو لم يرد ذلك - فلا ريب أن ذاك جسم آخر فسد واستحال، وليس هو الآن