نقص، لا يكون إلا كاملاً قديماً أزلياً واجباً بنفسه، فثبت انقسام الموجودات إلى هذا وهذا، وهو المطلوب.
ومثل أن يقال: الموجودإما عالم بنفسه، وإما محتاج في العلم إلى من يعلمه، وإما أن لا يقبل العلم، ومعلوم أن الإنسان مفتقر في حصول علمه إلى من يعلمه، ليس علمه من لوازم ذاته، فإنه خرج من بطن أمه لا يعلم شيئاً ثم حدث له العلم بعد ذلك، فثبت أن في الموجود ما ليس عالماً بنفسه، بل هو مفتقر في حصول العلم له إلى من يعلمه، ومعلوم أن كل ما ليس بعالم بنفسه فلا بد له من عالم يعلمه، وذاك العلم إن كان عالماً بنفسه وإلا افتقر إلى عالم بنفسه، فلا بد له من عالم يعلمه، وذاك العالم إن كان عالماً بنفسه وإلا افتقر إلى عالم بنفسه فلا بد أن ينتهي الأمر إلى عالم بنفسه قطعاً للتسلسل الممتنع، فثبت أن في الوجود ما هو عالم بنفسه، وما ليس عالماً بنفسه بل بمن يعلمه كما قال:{اقرأ باسم ربك الذي خلق} إلى قوله: {اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم} العلق ١ - ٥ وقال:{ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} البقرة ٢٥٥.
وما كان عالماً بنفسه فإن يكون موجوداً بنفسه أولى وأحرى، فإن العلم صفة له، وإذا كانت تلك الصفة قديمة واجبة لا تفتقر إلى فاعل يفعلها في العالم بنفسه، فلا يكون الموصوف بها قديماً واجباً بطريق الأولى والأحرى.