للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثل أن يقال الموجود: إما حي بنفسه وإما حي بغيره، وإما ليس بحي.

ومعلوم أن الحي بغيره موجود، فإن الإنسان يكون في بطن أمه قبل نفخ الروح فيه ليس بحي ثم يصير حياً بعد ذلك.

فثبت وجود الحي بغيره الذي جعله حياً.

وذلك الذي جعله حياً إما أن يكون حياً بنفسه، وإما بغيره.

والحي بغيره يحتاج إلى حي، فلا بد أن ينتهي الأمر إلى حي بنفسه قطعاً للتسلسل الممتنع، فثبت أن في الوجود ما هو حي بنفسه، والحي بنفسه لا يكون إلا واجباً قديماً بنفسه، فإن ذاته إذا كانت مستلزمة لحياته، بحيث لا تكون حياته حاصلة له من غيره، فغن تكون ذاته واجبة بنفسها، لا تكون حاصلة بغيرها أولى وأحرى فغن الحياة قائمة في الموصوف الحي بها، فإذا كانت الحياة قديمة أزلية واجبة بنفسها يمتنع عدمها، فالحي الموصوف بها أن يكون حياً قديماً أزلياً واجباً بنفسه أولى وأحرى.

والتسلسل الذي يسمى التسلسل في العلل والمعلولات، والمؤثر والأثر والفاعل والمفعول، والخالق ولمخلوق هو ممتنع باتفاق العقلاء.

وبصريح المعقول، بل هو ممتنع في بديهة العقل بعد التصور، وهو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة منه في قوله صلى الله عليه وسلم «يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ فيقول: الله فيقول: من خلق الله فإذا وجد ذلك أحدكم فليستعذ بالله ولينته» فأمره بالاستعاذة منه ليقطع عنه الله الوساوس الفاسدة

<<  <  ج: ص:  >  >>