فالأول مثل أن يقال: علامة دار فلان أن على بابها كذا، أو على عتبها كذا، أو علامة فلان أنه كذا وكذا، فإذا رؤيت تلك العلامة عرف ذلك المعين.
والثاني أن يقال: علامة من يكون أميراً أو قاضياً أن تكون هيئته كذا وكذا، فإن رؤيت تلك الهيئة علم أن هناك أميراً أو قاضياً وإن لم تعلم عينه.
وإذا كان كذلك فجميع المخلوقات مستلزمة للخالق سبحانه وتعالى بعينه، وكل منها يدل بنفسه على أن له محدثاً بنفسه، ولا يحتاج أن يقرن بذلك أن كل محدث فله محدث، كما قدمناه أن العلم بأفراد هذه القضية لا يجب أن يتوقف على كلياتها، بل قد تكون دلالته على المحدث المعين أظهر وأسبق.
ولهذا كان ما يشهده الناس من الحوادث آيات دالة على الفاعل المحدث بنفسها، من غير أن يجب أن يقترن بها قضية كلية: أن كل محدث فله محدث، وهي أيضاً دالة على الخالق سبحانه، من حيث يعلم أنه لا يحدثها إلا هو، فإنه كما يستدل على أن المحدثات لا بد لها من محدث قادر، عليم، مريد، حكيم، فالفعل يستلزم القدرة، والإحكام