من الملاحدة: ما الدلالة على وجود الصانع؟ فقال لهم: دعوني فخاطري مشغول بأمر غريب.
قالوا قالوا: ما هو؟ قال: بلغني أن في دجلة سفينة عظيمة مملوءة من أصناف الأمتعة العجيبة وهي ذاهبة وراجعة من غير أحد يحركها ولا يقوم عليها.
فقالوا له: أمجنون أنت؟ قال: وما ذاك قالوا أهذا يصدقه عاقل؟ فقال: فكيف صدقت عقولكم أن هذا العالم بما فيه من الأنواع والأصناف والحوادث العجيبة وهذا الفلك الدوار السيار يجري وتحدث هذه الحوادث بغير محدث، وتتحرك هذه المتحركات بغير محرك؟ فرجعوا على أنفسهم بالملام وهكذا إذ قيل: فهذه السفينة أثبتت نفسها في الساحل بغير موثق اوثقها ولا رابط ربطها، كذبت العقول بذلك.
فهكذا إذ قيل: إن الحوادث تبقى وتدوم بغير مبق يبقيها، ولا ممسك يمسكها.
ولهذا نبه سبحانه على هذا وهذا فالأول: كثير وأما الثاني: ففي مثل قوله {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا} فاطر ٤١ وقوله {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره} الروم ٢٥ وقوله {رفع السماوات بغير عمد ترونها} الرعد ٢ وهذا الإبقاء يكون بالرزق الذي يمد الله به المخلوقات كما قال الله