وَالْفَتْوَى عَلَى أَنْ لَا يَمْلِكَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْغَايَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ بِتَقَاضِي الدَّيْنِ يَمْلِكُ الْقَبْضَ اتِّفَاقًا فِي جَوَابِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ لَكِنْ فَتْوَى الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ لِفَسَادِ الزَّمَانِ انْتَهَى.
وَفِي الْوَاقِعَاتِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الدَّيْنَ فِي زَمَانِهَا وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بَلْخِي وَبِهِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ اهـ فَعَلَى هَذَا ظَهَرَ عَدَمُ فَهْمِ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ قَالَ صَاحِبُ الِاخْتِيَارِ: وَالْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلتَّقَاضِي بِدُونِ الْقَبْضِ فَيَلْزَمُ التَّأَمُّلُ فِي قَوْلِهِ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ مُصَرَّحٌ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الِاخْتِيَارِ عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ لِفَسَادِ الزَّمَانِ فَلَا خِلَافَ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ لِمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ الْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَنْظُرُ إنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِذَلِكَ فِي بَلَدٍ كَانَ مِنْ الْعُرْفِ بَيْنَ التُّجَّارِ أَنَّ الْمُتَقَاضِيَ هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ الدَّيْنَ تَوْكِيلًا بِالْقَبْضِ وَإِلَّا فَلَا تُدْبِر.
وَفِي التَّنْوِير وَرَسُول الْقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ لَا الْخُصُومَةَ إجْمَاعًا وَلَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ وَالْقَبْضَ وَكِيلُ الْمُلَازَمَةِ كَمَا لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ وَكِيلُ الصُّلْحِ وَكَذَا عَكْسُهُ.
(وَلِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الْخُصُومَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَبْضِ يَعْرِفُ الْخُصُومَةَ وَيَهْتَدِي إلَى الْمُحَاكَمَةِ فَلَا يَحْصُلُ الرِّضَى مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَهُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِأَخْذِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ نَفْسِ الدَّيْنِ لَا يُتَصَوَّرُ وَلِذَا قُلْنَا أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ مِلْكُ الْمَطْلُوبِ حَقِيقَةً وَبِالْقَبْضِ يَتَمَلَّكُهُ بَدَلًا عَنْ الدَّيْنِ فَيَكُونُ وَكِيلًا فِي حَقِّ التَّمْلِيكِ وَلَا ذَلِكَ إلَّا بِالْخُصُومَةِ وَثَمَرَتُهُ مَا إذَا أَقَامَ الْخَصْمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمُوَكِّلِ أَوْ إبْرَائِهِ تُقْبَلُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَكُونُ لَهُ الْخُصُومَةُ اتِّفَاقًا.
وَفِي التَّنْوِيرِ أَمَرَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ وَأَنْ لَا يَقْبِضَهُ إلَّا جَمِيعًا فَقَبَضَهُ إلَّا دِرْهَمًا لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ عَلَى الْأَمْرِ وَلِلْآمِرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَرِيمِ بِكُلِّهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْغَرِيمِ بَيِّنَةٌ عَلَى الْإِيفَاءِ فَقَضَى عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ وَقَبَضَهُ الْوَكِيلُ فَضَاعَ مِنْ الْوَكِيلِ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْإِيفَاءِ فَلَا سَبِيلَ لِلْمُقَضَّى عَلَيْهِ عَلَى الْوَكِيلِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ.
(وَلِلْوَكِيلِ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ الْخُصُومَةُ قَبْلَ الْأَخْذِ اتِّفَاقًا) حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ سَلَّمَهَا تُقْبَلُ وَتَبْطُلُ الشُّفْعَةُ وَأَمَّا بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لَهُ الْخُصُومَةُ.
(وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ) أَيْ لَهُ الْخُصُومَةُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَخْذِ الْوَاهِبِ الْعِوَضِ تُقْبَلُ وَيَبْطُلُ الرُّجُوعُ (أَوْ بِالْقِسْمَةِ) يَعْنِي لِلْوَكِيلِ بِالْقِسْمَةِ الْخُصُومَةُ حَتَّى إذَا وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَكِيلًا بِأَنْ يُقَاسِمَ مَعَ شَرِيكِهِ فَأَقَامَ الشَّرِيكُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكِيلِ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَبَضَ نَصِيبَهُ تُقْبَلُ (أَوْ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ) حَتَّى إذَا أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكِيلِ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَضِيَ بِالْعَيْبِ تُقْبَلُ.
(وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ بَعْدَ مُبَاشَرَتِهِ) يَعْنِي لَهُ الْخُصُومَةُ وَأَمَّا قَبْلَ مُبَاشَرَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute