للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشِّرَاءَ لَا يَكُونُ لَهُ الْخُصُومَةُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُبَادَلَةَ تَقْتَضِي حُقُوقًا وَهُوَ أَصْلٌ فِيهَا فَيَكُونُ خَصْمَهَا فِيهَا.

(وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ الْخُصُومَةُ) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مَحْضٌ بِقَبْضِ عَيْنِ حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَجْهٌ فَأَشْبَهَ الرَّسُولَ ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى الْوَكِيلِ بِقَبْضِ عَبْدٍ أَنَّ مُوَكِّلَهُ بَاعَهُ مِنْهُ تُقْصَرُ يَدُ الْوَكِيلِ) عَنْهُ (وَلَا يَثْبُتُ الْبَيْعُ فَيَلْزَمُ) عَلَى ذِي الْيَدِ (إعَادَةُ الْبَيِّنَةِ إذَا حَضَرَ الْمُوَكِّلُ) أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى مَنْ لَا يَكُونُ خَصْمًا وَالْقِيَاسُ فِيهِ دَفْعُ الْعَبْدِ إلَى الْوَكِيلِ لِعَدَمِ قَبُولِ حُجَّةِ ذِي الْيَدِ لِقِيَامِهَا عَلَى مَنْ لَيْسَ بِخَصْمٍ فَلَمْ يُعْتَبَرُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْوَكِيلَ خَصْمٌ فِي حَقِّ قَصْرِ يَدِهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ فِي الْقَبْضِ فَتُقْتَصَرُ يَدُهُ فَتُقَامُ الْحُجَّةُ ثَانِيًا عَلَى الْبَيْعِ إذَا حَضَرَ الْخَصْمُ (كَمَا تُقْصَرُ يَدُ الْوَكِيلِ بِنَقْلِ الزَّوْجَةِ أَوْ الْعَبْدِ) يَعْنِي إذَا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَتَاقِ عَلَى الْوَكِيلِ بِنَقْلِهِمَا إلَى مَوْضِعٍ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ اسْتِحْسَانًا فِي قَصْرِ يَدِ الْوَكِيلِ عَنْهُمَا حَتَّى يُحْضِرَ مُنْكِرًا (وَلَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ لَوْ بَرْهَنَا) أَيْ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ (بِلَا حُضُورِ الْمُوَكِّلِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُمَا أَقَامَا حُجَّةً عَلَى وَكِيلٍ غَيْرِ خَصْمٍ، وَلِذَا وَجَبَ إعَادَتُهَا لَوْ حَضَرَ مُوَكِّلُهُ بِخِلَافِ قَصْرِ الْيَدِ.

(وَإِقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ عَلَى مُوَكِّلِهِ عِنْدَ الْقَاضِي) بِغَيْرِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ (صَحِيحٌ) سَوَاءٌ كَانَ وَكِيلًا مِنْ قِبَلِ الْمُدَّعِي فَأَقَرَّ بِالْقَبْضِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِثُبُوتِ الْحَقِّ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَهُ ذَلِكَ الْوَكِيلُ صَحَّ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَبِأَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى الْإِقْرَارَ صَحَّ وَصَارَ وَكِيلًا بِالْإِنْكَارِ كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى الْإِنْكَارَ صَارَ وَكِيلًا بِالْإِقْرَارِ.

وَفِي الصُّغْرَى لَوْ اسْتَثْنَى الْإِقْرَارَ بِحَضْرَةِ الطَّالِبِ صَحَّ وَإِلَّا لَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَنَّهُ أَيْضًا يَصِحُّ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ وَكَّلَهُ غَيْرُ جَائِزِ الْإِقْرَارِ صَحَّ، وَلَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ فِي الظَّاهِرِ لَوْ مَوْصُولًا وَفِي الْأَقْضِيَةِ وَمَفْصُولًا أَيْضًا (لَا عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي) أَيْ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي فَشَهِدَ بِهِ الشَّاهِدَانِ عِنْدَ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ اسْتِحْسَانًا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) أَيْ يَصِحُّ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَقَامَ مَقَامُ الْوَكِيلِ نَفْسَهُ مُطْلَقًا وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ يَمْلِكَ مَا يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ، وَهُوَ يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي، وَكَذَا وَكِيلُهُ وَعِنْدَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا لَا يَصِحُّ أَصْلًا وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْخُصُومَةِ، وَهِيَ مُنَازَعَةٌ وَالْإِقْرَارُ يُضَادُّهَا؛ لِأَنَّهُ مُسَالَمَةٌ وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ لَا يَتَنَاوَلُ ضِدَّهُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ التَّوْكِيلَ صَحِيحٌ فَيَدْخُلُ تَحْتَهُ مَا يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ وَهُوَ الْجَوَابُ مُطْلَقًا فَيَضْمَنُ الْإِقْرَارَ وَالْمُوَكِّلُ يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ كَذَا يَمْلِكُ وَكِيلُهُ عِنْدَ الْقَاضِي لِكَوْنِهِ جَوَابَ الْخَصْمِ، وَهُوَ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا إلَّا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ إذْ وَرَاءَ مَجْلِسِهِ يُفْضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>