إلَى الْمُجَادَلَةِ وَالْمُجَاذَبَةِ وَهُوَ لَمْ يُوَكِّلْ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ وَكِيلًا (لَكِنْ لَوْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ، هَذَا اسْتِدْرَاكٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي؛ فَلِهَذَا لَوْ ذُكِرَ عَقِيبَهُ لَكَانَ أَنْسَبَ تَدَبَّرْ.
(أَنَّهُ أَقَرَّ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ خَرَجَ عَنْ الْوَكَالَةِ وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالَ) أَيْ لَا يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُنَاقَضَةِ؛ وَلِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ (كَالْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ إذَا أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لَا يَصِحُّ) إقْرَارُهُمَا (وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ (الْمَالَ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ شَيْئًا لِلصَّغِيرِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَدَّقَهُ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ ثُمَّ جَاءَ يَدَّعِي الْمَالَ فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً نَظَرِيَّةً وَذَلِكَ بِأَنْ يَحْفَظَ مَالَهُ وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَحْسَنِ وَالْإِقْرَارُ لَا يَكُونُ حِفْظًا وَلَا يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ دَعْوَاهُ وَيُنَصَّبُ وَصِيٌّ آخَرُ وَيُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ لَوْ ثَبَتَ.
(وَلَا) يَصِحُّ (تَوْكِيلُ رَبِّ الْمَالِ كَفِيلَهُ بِقَبْضِ مَا عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ) مَا لَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ وَكَّلَ الْمُحْتَالُ الْمُحِيلَ بِقَبْضِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مَنْ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ صَحَّحْنَاهَا صَارَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ فِي إبْرَاءِ ذِمَّتِهِ فَانْعَدَمَ الرُّكْنُ؛ وَلِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ مُلَازِمٌ لِلْوَكَالَةِ؛ لِكَوْنِهِ أَمِينًا وَلَوْ صَحَّحْنَاهَا لَا يُقْبَلُ لِكَوْنِهِ مُبَرِّئًا نَفْسَهُ فَتَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ لَازِمِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْعِنَايَةِ سُؤَالٌ وَجَوَابٌ فَلْيُرَاجَعْ.
وَفِي التَّنْوِيرِ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا كَفَلَ صَحَّ وَبَطَلَتْ الْوَكَالَةُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَكَذَا كُلُّ مَا صَحَّتْ كَفَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ تَقَدَّمَتْ كَفَالَتُهُ أَوْ تَأَخَّرَتْ.
(وَمَنْ صَدَّقَ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أُمِرَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ بِمَنْ قَالَ أَنَا وَكِيلُ الْغَائِبِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مَا يَدْفَعُهُ خَالِصُ حَقِّهِ إذَا الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا (فَإِنْ صَدَّقَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ) فِيهَا أَيْ إذَا حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَ الْوَكِيلَ فِي دَعْوَاهُ الْوَكَالَةِ فَلَا كَلَامَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ (أُمِرَ) أَيْ أُمِرَ الْغَرِيمُ (بِالدَّفْعِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا أُمِرَ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيفَاءُ حَيْثُ أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَيَفْسُدُ الْأَدَاءُ إنْ لَمْ نُجِرْ الِاسْتِيفَاءَ حَالَ قِيَامِهِ (وَرَجَعَ) الْغَرِيمُ (بِهِ) أَيْ بِمَا دَفَعَهُ (عَلَى الْوَكِيلِ إنْ لَمْ يَهْلَكْ فِي يَدِهِ) أَيْ رَجَعَ الْغَرِيمُ بِهِ إنْ كَانَ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ بَاقِيًا فِي يَدِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْ الدَّفْعِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ قَبَضَهُ وَيَأْخُذَ مَا يَجِدُهُ وَلَوْ كَانَ بَقَاؤُهُ حُكْمًا بِأَنْ اسْتَهْلَكَهُ الْوَكِيلُ فَإِنَّهُ بَاقٍ بِبَقَاءِ بَدَلِهِ.
(وَإِنْ هَلَكَ) أَيْ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ (لَا) أَيْ لَا يَرْجِعُ فِيمَا هَلَكَ؛ لِأَنَّهُ بِتَصْدِيقِهِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِي الْقَبْضِ فَيَكُونُ أَمِينًا وَهُوَ لَا يَكُون ضَمِينًا؛ أَوْ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ فِي أَخْذِ الْمُوَكِّلِ ثَانِيًا وَالْمَظْلُومُ لَا يَظْلِمُ غَيْرَهُ (إلَّا إنْ كَانَ قَدْ ضَمِنَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute