وَمَعْلُومِيَّةُ الْمُدَّعِي وَكَوْنُهَا مُلْزِمَةٌ وَكَوْنُ الْمُدَّعَى مِمَّا يَحْتَمِلُ الثُّبُوتَ فَدَعْوَى مَا يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُ بَاطِلَةٌ انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ لَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَدَمُ تَقْيِيدِهِ بِالْحُضُورِ لِكَوْنِ حُضُورِ مَجْلِسِ الْقَاضِي مَأْخُوذًا فِي مَفْهُومِ الدَّعْوَى وَهِيَ مُطَالَبَةُ حَقٍّ عِنْدَ مَنْ لَهُ الْخَلَاصُ وَلِئَلَّا يَخْرُجَ عَنْ التَّعْرِيفِ بِلَا تَكَلُّفِ الدَّعْوَى الصَّادِرَةِ عَنْ صَاحِبِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَإِنَّهُ دَعْوَى صَحِيحَةٌ حَتَّى يَكْتُبَ فِي الْكِتَابِ غِبَّ الِاسْتِشْهَادِ؛ بِالدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ الصَّادِرَةِ إلَى آخِرِهِ مَعَ أَنَّهُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِحَاضِرٍ وَأَمَّا عَدَمُ تَقْيِيدِهِ بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَلِأَنَّهُ جَعَلَهُ شَرْطًا وَشَرْطُ الشَّيْءِ خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ تَأَمَّلْ. (وَالْمُدَّعِي) شَرْعًا (مِنْ لَا يُجْبَرُ) أَيْ لَا يُكْرَهُ (عَلَى) هَذِهِ (الْخُصُومَةِ) أَيْ الْمُخَاصَمَةِ وَطَلَبِ الْحَقِّ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا كَانَ فِيهِ مُخَاصِمًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ كَمَا إذَا قَالَ قَضَيْت الدَّيْنَ بَعْدَ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى هَذِهِ الْخُصُومَةِ إذَا تَرَكَهَا (وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ يُجْبَرُ) عَلَى هَذِهِ الْخُصُومَةِ وَالْجَوَابِ لِكَوْنِهِ مُنْكِرًا مَعْنًى وَلَوْ مُدَّعِيًا صُورَةً وَلِذَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُنْكِرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ إذْ الِاعْتِبَارُ لِلْمَعَانِي فَلَا يُشْكِلُ بِوَصِيِّ الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ مَعْنًى فِيمَا إذَا أَجْبَرَ الْقَاضِي عَلَى الْخُصُومَةِ لِلْيَتِيمِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَإِنَّمَا عَرَّفَهُمَا بِذَلِكَ وَعَدْلَ عَمَّا يَقْتَضِي التَّعْرِيفُ إشَارَةً إلَى اخْتِلَافِ الْمَشَايِخِ فِيهِمَا فَقِيلَ الْمُدَّعِي مَنْ إذَا تَرَكَ تُرِكَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ خِلَافُهُ وَهَذَا حَاصِلُ مَا ذُكِرَ فِي، هَذَا الْمَتْنِ قَالَ أَبُو الْمَكَارِمِ: وَالتَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ كَانَ عَامًا صَحِيحًا كَمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لَكِنَّهُ تَعْرِيفٌ لَهُ بِمَا هُوَ حُكْمُهُ انْتَهَى وَقِيلَ الْمُدَّعِي مَنْ لَا حُجَّةَ لَهُ عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ خِلَافُ هَذَا وَلِذَا يُقَالُ لِمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ مُدَّعِي النُّبُوَّةَ وَلَا يُقَالُ لِرَسُولِنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقِيلَ الْمُدَّعِي مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يَكُونُ مُسْتَحِقًّا بِلَا حُجَّةٍ إذْ بِقَوْلِهِ هُوَ لِي يَكُونُ لَهُ عَلَى مَا كَانَ مَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي اسْتِحْقَاقَهُ قِيلَ الْمُدَّعِي مَنْ يَلْتَمِسُ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَهُوَ الْأَمْرُ الْحَادِثُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يَتَمَسَّكُ بِالظَّاهِرِ كَالْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ انْتَهَى. إذْ لَا يَعْرِضُ عَلَى مَنْ لَهُ الْيَدُ حَقَّ الْمُدَّعِي بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ كَمَا لَا يَعْرِضُ الْوُجُودَ عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ مَا قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْمُدَّعِي مَنْ يَلْتَمِسُ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا حَادِثًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يَتَمَسَّكُ بِالظَّاهِرِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَدَمًا أَصْلِيًّا انْتَهَى لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ الْحَادِثِ كَوْنُهُ مُحْتَاجًا إلَى الدَّلِيلِ فِي ظُهُورِهِ وَوُجُودِهِ وَبِالْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ عَدَمُ كَوْنِهِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ أَصْلًا فَالْمُودَعُ الَّذِي يَدَّعِي رَدَّ الْوَدِيعَةِ إلَى الْمُودِعِ لَا يَكُونُ مُدَّعِيًا حَقِيقَةً وَكَذَا لَا يَكُونُ الْمُودِعُ بِإِنْكَارِهِ الرَّدَّ مُنْكِرًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ بِإِنْكَارِهِ يَدَّعِي شَغْلَ ذِمَّةِ الْمُودِعِ مَعْنًى وَكَذَا الْمُودَعُ بِادِّعَائِهِ الرَّدَّ يُنْكِرُ الشَّغْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute