مَعْنًى لِيُفْرِغَ ذِمَّتَهُ عَنْ الضَّمَانِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْخُصُومَةِ فِيمَا أَنْكَرَهُ مَعْنًى مِنْ الضَّمَانِ لِكَوْنِهِ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَيُصَدَّقُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ إذْ الِاعْتِبَارُ لِلْمَعَانِي دُونَ الصُّوَرِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ لِابْنِ الشَّيْخِ (وَلَا تَصِحّ الدَّعْوَى إلَّا بِذِكْرِ شَيْءٍ) أَيْ قَوْلِ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ (عُلِمَ جِنْسُهُ) أَيْ جِنْسُ ذَلِكَ الدَّيْنِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَغَيْرِهَا (وَقَدْرُهُ) مِثْلَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا أَوْ كُرًّا قِيلَ لَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ ذِكْرِهِ وَصْفَهُ بِأَنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ إذْ هُوَ يُعْرَفُ بِهِ؛ لِأَنَّ إلْزَامَ الْخَصْمِ بِالْمَجْهُولِ عِنْدَ قِيَامِ الْبُرْهَانِ مُتَعَذِّرٌ وَكَذَا الشَّهَادَةُ وَالْقَضَاءُ غَيْرُ مُمْكِنٍ بِخِلَافِ الْعَيْنِ كَمَا سَيَجِيءُ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَتَبَ صُورَةَ الدَّعْوَى بِلَا عَجْزٍ عَنْ تَقْرِيرِهَا لَا تُسْمَعُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الدَّعْوَى عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ فَكَتَبَ فَتُسْمَعُ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ (فَإِنْ كَانَ) الْمُدَّعَى (دَيْنًا) أَيْ حَقًّا فِي الذِّمَّةِ (ذَكَرَ) الْمُدَّعِي (أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِهِ) أَيْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ يُطَالِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الدَّعْوَى إجْبَارُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى إيفَاءِ حَقِّ الْمُدَّعِي وَلَيْسَ لِلْقَاضِي ذَلِكَ إلَّا إذَا طَالَبَهُ بِهِ فَامْتَنَعَ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمُدَّعَى عَيْنًا (نَقْلِيًّا) أَيْ مَنْقُولًا (ذَكَرَ) الْمُدَّعِي (أَنَّهَا) أَيْ الْعَيْنَ (فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ) دَفْعًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَرْهُونًا أَوْ مَحْبُوسًا بِالثَّمَنِ فِي يَدِهِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ هَذِهِ الْعِلَّةُ تَشْتَمِلُ الْعَقَارَ أَيْضًا فَلَا أَدْرِي مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ الْمَنْقُولِ بِهَذَا الْحُكْمِ.
وَفِي حَاشِيَةِ يَعْقُوبَ بَاشَا جَوَابٌ عَنْ طَرَفِ صَاحِبِ الدُّرَرِ وَاعْتِرَاضٌ عَلَيْهِ فَلْيُطَالَعْ (وَأَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِيَ (يُطَالِبُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِهَا) أَيْ بِالْعَيْنِ (وَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهَا) أَيْ يُكَلَّفُ إحْضَارَ الْعَيْنِ مَنْقُولَةً (إنْ أَمْكَنَ) الْإِحْضَارُ (لِيُشَارَ إلَيْهَا) إي إلَى الْعَيْنِ (عِنْدَ الدَّعْوَى، وَ) عِنْدَ (الشَّهَادَةِ أَوْ الْحَلِفِ) ؛ لِأَنَّ الْإِعْلَامَ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُ شَرْطٌ، وَذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ فِي الْمَنْقُولِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ مُمْكِنٌ وَالْإِشَارَةُ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ حَتَّى قَالُوا فِي الْمَنْقُولَاتِ الَّتِي يَتَعَذَّرُ نَقْلُهَا كَالرَّحَى وَنَحْوِهِ حَضَرَ الْحَاكِمُ عِنْدَهَا أَوْ بَعَثَ أَمِينًا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ عَلَى رِوَايَةٍ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ يَذْكُرُ قِيمَتَهَا يُغْنِي عَنْهُ تَدَبَّرْ.
وَفِي الْمُجْتَبَى مَعْزِيًّا إلَى الْإِسْبِيجَابِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى سَرِقَةِ بَقَرَةٍ وَاخْتَلَفَا فِي لَوْنِهَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ خِلَافًا لَهُمَا ثُمَّ قَالَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ إحْضَارَ الْمَنْقُولِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى، وَلَوْ شَرَطَ لَأُحْضِرَتْ وَلَمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ عِنْدَ الْمُشَاهَدَةِ فِي لَوْنِهَا ثُمَّ قَالَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ النَّاسُ عَنْهَا غَافِلُونَ لَكِنْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ غَائِبَةً لَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُهَا وَالْقِيمَةُ كَافِيَةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ تَعَذَّرَ إحْضَارُ الْمَنْقُولَاتِ بِأَنْ كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute