هَالِكَةً أَوْ غَائِبَةً (يَذْكُرُ قِيمَتَهَا) لِيَصِيرَ الْمُدَّعَى مَعْلُومًا بِهَا؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْوَصْفِ وَالْقِيمَةِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ يُشْتَرَطُ مَعَ بَيَانِ الْقِيمَةِ ذِكْرُ الذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ فِي الدَّابَّةِ، هَذَا إذَا ادَّعَى الْعَيْنَ أَمَّا إذَا ادَّعَى قِيمَةَ شَيْءٍ مُسْتَهْلَكٍ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي بَيَانِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فِي الدَّابَّةِ قَالَ الْعِمَادِيُّ ادَّعَى أَعْيَانًا مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَذَكَرَ قِيمَةَ الْكُلِّ وَلَمْ يَذْكُرْ قِيمَةَ عَيْنٍ عَلَى حِدَةٍ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ شَرَطَ التَّفْصِيلَ وَبَعْضُهُمْ اكْتَفَى بِالْإِجْمَالِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ غَصَبَ مِنِّي عَيْنًا كَذَا وَلَا أَدْرِي أَنَّهُ هَالِكٌ أَوْ قَائِمٌ وَلَا أَدْرِي كَمْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ رُبَّمَا لَا يَعْرِفُ قِيمَةَ مَالِهِ فَلَوْ كُلِّفَ بَيَانَ الْقِيمَةِ لَتَضَرَّرَ بِهِ كَمَا فِي الْكَافِي فَإِنْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا كَانَ الْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ قَوْلُ الْغَاصِبِ فَلَمَّا صَحَّ دَعْوَى الْغَصْبِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْقِيمَةِ فَلَا يَصِحُّ إذَا بَيَّنَ قِيمَةَ الْكُلِّ جُمْلَةً كَانَ أَوْلَى.
وَفِي التَّبْيِينِ فَإِذَا سَقَطَ بَيَانُ الْقِيمَةِ عَنْ الْمُدَّعِي سَقَطَ عَنْ الشُّهُودِ أَيْضًا بَلْ أَوْلَى وَقِيلَ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى سَرِقَةً لَيَعْلَمَ أَنَّ السَّرِقَةَ كَانَتْ نِصَابًا فَأَمَّا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَلَا يُشْتَرَطُ كَمَا فِي الْجَامِعِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَفِي دَعْوَى الْإِيدَاعِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَكَانِهِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَمْلٌ أَوْ لَا وَفِي الْغَصْبِ إنْ كَانَ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَوْضِعِ الْغَصْبِ وَإِلَّا لَا وَفِي دَعْوَى الْمِثْلِيَّاتِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَالْقَدْرِ وَسَبَبِ الْوُجُودِ (وَفِي الْعَقَارِ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَوْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ) كَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمَنْقُولِ، وَلَكِنْ يَذْكُرُ أَنَّ الْعَقَارَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَكُونُ خَصْمًا إلَّا إذَا كَانَ الْعَقَارُ فِي يَدِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ لَكِنْ سُؤَالُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ بَاقٍ عَلَى مَا قَالَهُ يَعْقُوبُ بَاشَا فِي حَاشِيَتِهِ وَيُؤَيِّدُ مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَيَزِيدُهُ فِي الْعَقَارِ أَيْضًا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْخِزَانَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ كَثِيرٍ انْتَهَى.
لَكِنْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْفَتْوَى كَمَا سَيَأْتِي تَتَبَّعْ.
(وَلَا تَثْبُتُ الْيَدُ) أَيْ يَدُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْعَقَارِ (بِتَصَادُقِهِمَا) أَيْ لَا تَثْبُتُ بِتَصَادُقِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ فِي يَدِهِ (بَلْ) تَثْبُتُ الْيَدُ فِيهِ (بِبَيِّنَةٍ) بِأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ عَايَنُوا فِي يَدِهِ حَتَّى لَوْ قَالُوا سَمِعْنَا ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ (أَوْ بِعِلْمِ الْقَاضِي) أَنَّهُ فِي يَدِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْعَقَارِ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَقَدْ تَوَاضَعَا عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَنْقُولِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ فِيهِ مُشَاهَدَةٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْبَيِّنَةِ وَلَا إلَى الْعِلْمِ بَلْ تَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا (فِي الصَّحِيحِ) احْتِرَازٌ عَمَّا قِيلَ أَنَّ الْيَدَ تَصِحُّ بِالْإِقْرَارِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْبَيِّنَةِ وَلَا إلَى الْعِلْمِ.
وَفِي الْبَحْرِ شَهِدُوا أَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَمْ يَقُولُوا فِي يَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ يُفْتَى بِالْقَبُولِ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ فِي يَدِهِ بِغَيْرِهِ لَا يُمْكِنُهُ الْمُطَالَبَةُ بِالتَّسْلِيمِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ وَقِيلَ يُقْضَى فِي الْمَنْقُولِ لَا فِي الْعَقَارِ حَتَّى يَقُولُوا إنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute