كَالْحَجْرِ بِأَنْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي يَدِ رَجُلٍ الْتَقَطَهُ، وَهُوَ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَادَّعَتْ امْرَأَةٌ حُرَّةُ الْأَصْلِ أَنَّهُ أَخُوهَا تُرِيدُ قَصْرَ يَدِ الْمُلْتَقِطِ لِمَالِهَا مِنْ حَقِّ الْحَضَانَةِ وَأَرَادَتْ اسْتِحْلَافَهُ فَنَكَلَ ثَبَتَ حَقُّ نَقْلِ الصَّبِيِّ إلَى حِجْرِهَا وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَكَذَا الْعِتْقُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ بِأَنْ ادَّعَى عَبْدٌ عَلَى مَوْلَاهُ أَنَّهُ عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ أَخُوهُ أَوْ أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ فَقَالَ الْمَوْهُوبُ: لَهُ أَنَا أَخُوك فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُسْتَحْلَفُ عَلَى مَا يَدَّعِي بِالْإِجْمَاعِ (وَفِي الْقِصَاصِ) أَيْ يَحْلِفُ جَاحِدُ الْقَوَدِ فِي النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ بِالِاتِّفَاقِ (فَإِنْ نَكَلَ فِي) دَعْوَى (النَّفْسِ) لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ بَلْ (حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ) فَيُقْتَصَّ مِنْهُ (أَوْ يَحْلِفَ) فَيُطْلَقَ عَنْ الْحَبْسِ وَإِلَّا يُحْبَسُ أَبَدًا.
(وَ) إنْ نَكَلَ (فِيمَا دُونَهَا) أَيْ النَّفْسِ (يُقْتَصُّ) مِنْهُ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْأَطْرَافَ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكُ الْأَمْوَالِ وَلِهَذَا أُبِيحَ قَطْعُهَا لِلْحَاجَةِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْقَاطِعِ الضَّمَانُ إذَا قَطْعَهَا بِأَمْرِ صَاحِبِهَا بِخِلَافِ النَّفْسِ فَإِنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ بِأَمْرِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي رِوَايَةٍ وَالدِّيَةُ فِي أُخْرَى وَإِذَا سَلَكَ بِالْأَطْرَافِ مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ يَجْرِي فِيهِ الْبَذْلُ كَمَا يَجْرِي فِي الْأَمْوَالِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَمَا قَالَهُ أَبُو الْمَكَارِمِ مِنْ أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لَزِمَ قَطْعُ يَدِ السَّارِقِ بِالنُّكُولِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ لَيْسَ بِوَارِدٍ؛ لِأَنَّ قَوَدَ الطَّرَفِ حَقُّ الْعَبْدِ فَيَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ كَالْأَمْوَالِ بِخِلَافِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ فَإِنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا تَدَبَّرْ.
(وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الْأَرْشَ فِيهِمَا) أَيْ فِي صُورَتَيْ دَعْوَى النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ عِنْدَهُمَا لَكِنْ فِيهِ شُبْهَةُ الْبَذْلِ فَيُمْتَنَعُ فِي الطَّرَفِ بِمَا فِيهِ شُبْهَةُ الْقِصَاصِ كَمَا فِي النَّفْسِ فَيَجِبُ الْمَالُ فِيهِمَا لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ خُصُوصًا إذَا كَانَ امْتِنَاعُ الْقِصَاصِ لِمَعْنًى مِنْ جِهَةِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِالْخَطَأِ وَالْوَلِيُّ يَدَّعِي الْعَمْدَ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يُقْتَصُّ فِيهِمَا بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعِي عَلَى أَنَّهُ صَادِقٌ فِي دَعْوَاهُ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أُصُولِهِمْ (فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ) فِي الْمِصْرِ (وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ لَا يَحْلِفُ) عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَغَيْرِهَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُسْتَحْلَفُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقُّهُ بِالْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ فَإِذَا طَالَبَهُ يُجِيبُهُ وَلِلْإِمَامِ أَنَّ ثُبُوتَ الْيَمِينِ مُرَتَّبٌ عَلَى الْعَجْزِ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمَا رَوَيْنَا فَلَا يَكُونُ حَقُّهُ دُونَهُ وَمُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ وَمَعَ الْإِمَامِ فِيمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَعَلَى، هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ الْخِلَافَ تَدَبَّرْ.
قَيَّدَنَا بِالْمِصْرِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ لَا يَحْلِفُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ خَارِجَ الْمِصْرِ يَحْلِفُ بِالِاتِّفَاقِ.
وَفِي الْمُجْتَبَى وَقُدِّرَتْ الْغَيْبَةُ بِمَسِيرَةِ السَّفَرِ.
وَفِي الْمِنَحِ وَحُضُورُهَا فِي الْمِصْرِ، وَهُوَ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ وَظَاهِرُ مَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: الِاسْتِحْلَافُ يَجْرِي فِي الدَّعَاوَى الصَّحِيحَةِ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَقُولُ الْمُدَّعِي: لَا شُهُودَ لِي أَوْ شُهُودٌ لِي غُيَّبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute