للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ مَرْضَى.

وَفِي الْبَحْرِ ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِيصَالَ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَطَلَبَ يَمِينَهُ فَقَالَ الْمُدَّعِي اجْعَلْ حَقِّي فِي الْخَتْمِ ثُمَّ اسْتَحْلِفْنِي فَلَهُ ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا (وَيَكْفُلُ) مِنْ التَّكْفِيلِ (بِنَفْسِهِ) أَيْ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ كَيْ لَا يَغِيبَ فَيُضَيِّعَ حَقَّهُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكْفُلَ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ مَعْرُوفًا ثِقَةً وَلَا يُتَوَهَّمُ اخْتِفَاؤُهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ دَارٌ وَحَانُوتٌ مِلْكًا لَهُ وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ حَتَّى لَوْ غَابَ الْأَصِيلُ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكِيلِ فَيَقْضِي عَلَيْهِ وَصَحَّ أَنْ يَكُونَ كَفِيلًا وَوَكِيلًا وَإِنْ أَعْطَاهُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْكَفِيلِ بِنَفْسِ الْوَكِيلِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى مَنْقُولًا فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ مَعَ ذَلِكَ كَفِيلًا بِالْعَيْنِ لَيُحْضِرَهَا وَلَا يُغَيِّبُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَقَارًا لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَكْفُلُهُ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْمُدَّعِي وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي جَاهِلًا بِالْخُصُومَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا فَلَا يَكْفُلُهُ الْقَاضِي بِلَا طَلَبِهِ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) ، هَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ إلَى جُلُوسِ الْقَاضِي مَجْلِسًا آخَرَ وَقِيلَ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِرَأْيِ الْإِمَامِ وَلَا فَرْقَ فِي الظَّاهِرِ بَيْنَ الْوَجِيهِ وَالْحَقِيرِ وَكَذَا بَيْنَ الْقَلِيلِ مِنْ الْمَالِ وَالْكَثِيرِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْخَصْمَ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يُخْفِي نَفْسَهُ بِهَذَا الْقَدْرِ لَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ لِلتَّكْفِيلِ وَمَعْنَاهُ فِي الْمِصْرِ حَتَّى لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: لَا بَيِّنَةَ لِي أَوْ شُهُودِي غُيَّبٌ لَا يَكْفُلُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَلْ يَحْلِفُ فَإِذَا حَضَرَ بَعْدَمَا حَلَفَ نَقْبَلُ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لَا بَيِّنَةَ لِي وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْقَاضِي يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ.

وَفِي الْبَحْرِ ادَّعَى الْقَاتِلُ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً حَاضِرَةً عَلَى الْعَفْوِ أُجِلَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ يَقْضِي بِالْقِصَاصِ قِيَاسًا كَالْأَمْوَالِ.

وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُؤَجِّلُ اسْتِعْظَامًا لِأَمْرِ الدَّمِ (فَإِنْ أَبَى) عَنْ إعْطَاءِ الْكَفِيلِ (لَازَمَهُ) مِقْدَارَ مُدَّةِ التَّكْفِيلِ (وَدَارَ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْغَرِيمِ (حَيْثُ دَارَ) تَفْسِيرُ الْمُلَازَمَةِ.

وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الصُّغْرَى رَأَيْت فِي زِيَادَاتِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ الطَّالِبَ لَوْ أَمَرَهُ غَيْرُهُ بِمُلَازَمَةِ مَدْيُونِهِ فَلِلْمَدْيُونِ أَنْ لَا يَرْضَى عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا وَجَعَلَهُ فَرْعًا لِمَسْأَلَةِ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ رِضَى الْخَصْمِ لَكِنْ لَا يَحْبِسُهُ فِي مَوْضِعٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَبْسٌ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الدَّعْوَى وَلَا يَشْغَلُهُ عَنْ التَّصَرُّفِ بَلْ هُوَ يَتَصَرَّفُ وَالْمُدَّعِي يَدُورُ مَعَهُ وَإِذَا انْتَهَى الْمَطْلُوبُ إلَى دَارِهِ فَإِنَّ الطَّالِبَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الدُّخُولِ إلَى أَهْلِهِ بَلْ يَدْخُلُ الْمَطْلُوبُ إلَى أَهْلِهِ وَالْمُلَازِمُ عَلَى بَابِ دَارِهِ.

(وَإِنْ كَانَ) الْمَطْلُوبُ (غَرِيبًا يُكْفَلُ أَوْ يُلَازَمُ قَدْرَ مَجْلِسِ الْقَاضِي) إلَى أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ؛ لِأَنَّ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ وَالْمُلَازَمَةِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ إضْرَارًا بِهِ يَمْنَعُهُ عَنْ السَّفَرِ وَلَا ضَرَرَ فِي، هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>