الْمِقْدَارِ ظَاهِرًا فَإِنْ بَرْهَنَ فِي الْمَجْلِسِ فَبِهَا وَإِلَّا يُحَلِّفُهُ إنْ شَاءَ أَوْ يَدَعُهُ (وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا بِطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنْ كَانَ مِنْكُمْ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَذَرْ (وَقِيلَ أَنَّ إلَخْ الْخَصْمَ صَحَّ) الْيَمِينُ (بِهِمَا) أَيْ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ (فِي زَمَانِنَا) لِقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي الْهِدَايَةِ لَكِنْ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ؛ لِأَنَّهُ نَكَلَ عَمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا حَتَّى لَوْ قَضَى لَا يَنْفُذُ وَإِنَّمَا أَتَى بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَشَايِخِنَا لَمْ يُجَوِّزُوهُ.
وَفِي الْبَحْرِ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ التَّحْلِيفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ فِي زَمَانِنَا وَالصَّحِيحُ مَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ انْتَهَى.
(وَتُغَلَّظُ) الْيَمِينُ (بِذَكَرِ صِفَاتِهِ تَعَالَى) أَيْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مِثْلَ قَوْلِهِ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالَمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ مِنْ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنْ الْعَلَانِيَةِ مَا لِفُلَانٍ، هَذَا عَلَيْك وَلَا قِبَلَك، هَذَا الْمَالُ الَّذِي ادَّعَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَلَا شَيْءَ مِنْهُ (إنْ شَاءَ الْقَاضِي) ؛ لِأَنَّ أَحْوَالَ النَّاسِ شَتَّى فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْتَنِعُ عَنْ الْيَمِينِ بِالتَّغْلِيظِ وَيَتَجَاسَرُ عِنْدَ عَدَمِهِ فَتُغَلَّظُ عَلَيْهِ لَعَلَّهُ يَمْتَنِعُ بِذَلِكَ وَالِاخْتِيَارُ فِي صِفَةِ التَّغْلِيظ إلَى الْقَاضِي يَزِيدُ فِيهِ مَا شَاءَ وَيَنْقُصُ مَا شَاءَ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَاطُ (وَيَحْتَرِزُ مِنْ التَّكْرَارِ) أَيْ يَحْتَرِزُ عَنْ عَطْفِ بَعْضِ الْأَسْمَاءِ عَلَى الْبَعْضِ وَإِلَّا لَتَعَدَّدَ الْيَمِينُ وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْعَطْفِ فَأَتَى بِوَاحِدَةٍ وَنَكَلَ عَنْ الْبَاقِي لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ أَتَى بِهَا وَلَوْ لَمْ تُغَلَّظْ جَازَ وَقِيلَ لَا تُغَلَّظُ عَلَى الْمَعْرُوفِ بِالصَّلَاحِ وَقِيلَ تُغَلَّظُ فِي الْخَطِيرِ مِنْ الْمَالِ دُونَ الْحَقِيرِ (لَا) تُغَلَّظُ (بِزَمَانٍ) عَلَى الْمُسْلِمِ بِأَنْ يُسْتَحْلَفَ فِي أَوَّلِ الْجُمُعَةِ أَوْ آخِرِهَا أَوْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَأْخِيرُ الْمُدَّعِي (أَوْ مَكَان) بِأَنْ يُسْتَحْلَفَ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا زَائِدَةٌ عَلَى النَّصِّ.
وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَغْلِيظُ الْيَمِينِ بِهِمَا انْتَهَى وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ؛ لِأَنَّهُ نَفْيُ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْإِبَاحَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ لَكِنْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فَلَا يُشْرَعُ تَدَبَّرْ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَجُوزُ أَنْ تُغَلَّظُ بِهِمَا أَيْضًا إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي قَسَامَةٍ وَلِعَانٍ وَمَالٍ عَظِيمٍ (وَيَحْلِفُ الْيَهُودِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَ) يَحْلِفُ (النَّصْرَانِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute