عَلَى عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) فَتُؤَكَّدُ الْيَمِينُ بِذِكْرِ الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّهِمَا (وَ) يُحَلَّفُ (الْمَجُوسِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ) ؛ لِأَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَ النَّارَ تَعْظِيمَ الْعِبَادَةِ فَتُؤَكَّدُ بِمَا يَعْتَقِدُونَهُ مُعَظَّمًا لِيُفِيدَ فَائِدَةَ الْيَمِينِ، وَقِيلَ إنَّ الْمَجُوسِيَّ حُلِّفَ بِاَللَّهِ لَا غَيْرَ كَمَا لَا يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ الشَّمْسَ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ النَّارِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى يُشْعِرُ تَعْظِيمَهَا وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَظَّمَ بِخِلَافِ الْكِتَابَيْنِ؛ لِأَنَّ كُتُبَ اللَّهِ تَعَالَى مُعَظَّمَةٌ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ أَحَدٌ إلَّا بِاَللَّهِ خَالِصًا.
(وَ) يَحْلِفُ (الْوَثَنِيُّ بِاَللَّهِ) فَحَسْبُ إذْ يُقِرُّ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ خَالِقُهُ؛ لِأَنَّ الْكَفَرَةَ بِأَسْرِهِمْ يَعْتَقِدُونَ اللَّهَ تَعَالَى أَنَّهُ خَالِقُ الْعَالَمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: ٨٧] هَكَذَا قَالُوا.
وَفِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ الدَّهْرِيَّةَ مِنْهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَهُ وَلَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَى مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ الْوَثَنِيَّ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُهُ انْتَهَى.
لَكِنْ يُمْكِنُ أَنَّ الدَّهْرِيَّ هُوَ مَنْ يَقُولُ بِقَدَمِ الدَّهْرِ وَبِإِسْنَادِ الْحَوَادِثِ إلَيْهِ وَيَقُولُونَ: إنَّ مَبْدَأَ الْمُمْكِنَاتِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قِيلَ فَلَمْ يَلْزَمْ عَدَمُ اعْتِقَادِهِمْ اللَّهِ تَعَالَى وَعَدَمُ دَلَالَةِ النَّصِّ؛ وَلِأَنَّ الدَّهْرِيَّةَ يَعْتَقِدُونَ الدَّهْرَ الْقَدِيمَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَمْ يَلْزَمْ عَدَمُ اعْتِقَادِهِمْ تَأَمَّلْ.
(وَلَا يَحْلِفُونَ) أَيْ الْكُفَّارُ (فِي مَعَابِدِهِمْ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمًا لَهَا وَالْقَاضِي مَمْنُوعٌ عَنْ أَنْ يَحْضُرَهَا وَكَذَا أَمِينُهُ؛ لِأَنَّهَا مَجْمَعُ الشَّيَاطِينِ لَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الدُّخُولِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِتَعْزِيرِ مُسْلِمٍ لَازَمَ الْكَنِيسَةَ مَعَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى (وَيَحْلِفُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلَى الْحَاصِلِ) ، هَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ وَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ وَالسَّبَبِ وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّ السَّبَبَ إمَّا إنْ كَانَ مِمَّا يَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَالتَّحْلِيفُ عَلَى السَّبَبِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُدَّعِي بِالتَّحْلِيفِ عَلَى الْحَاصِلِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ وَعَلَى السَّبَبِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا سَيَأْتِي ثُمَّ شَرَعَ فِي تَفْصِيلِهِ فَقَالَ (فَفِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ) : تَحْلِفُ (بِاَللَّهِ مَا بَيْنَكُمَا بَيْعٌ قَائِمٌ) فِي الْحَالِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ (أَوْ نِكَاحٌ قَائِمٌ فِي الْحَالِ) إذَا ادَّعَتْ النَّفَقَةَ فَلَوْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ كَانَ الْمِثَالُ عَلَى مَذْهَبِهِمَا فِي التَّحْلِيفِ وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَحْلِفُ كَمَا مَرَّ (وَفِي الطَّلَاقِ) بِاَللَّهِ (مَا هِيَ بَائِنٌ مِنْك الْآنَ) إذَا ادَّعَتْ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ فَلَوْ ادَّعَتْ رَجْعِيًّا حَلَفَ عَلَى السَّبَبِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَّ الْحَاصِلَ فِي الظَّاهِرِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ سَبَبَ الْحَاصِلِ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي ضِمْنِ فِعْلِ الْعَقْدِ يَتَحَقَّقُ فِي ضِمْنِ فِعْلٍ آخَرَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَفِي الْغَصْبِ) بِاَللَّهِ (مَا يَجِبُ عَلَيْك رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ الْمَغْصُوبِ (وَفِي الْوَدِيعَةِ) بِاَللَّهِ (مَالَهُ، هَذَا الَّذِي ادَّعَاهُ فِي يَدَك وَلَا شَيْءَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الَّذِي فِي يَدَك (وَلَا لَهُ قِبَلَك حَقٌّ) .
وَفِي الِاخْتِيَارِ وَيُحَلِّفُهُ فِي الدَّيْنِ بِاَللَّهِ مَالَهُ عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ وَالْقَرْضِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَدَّى الْبَعْضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute