للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّحَدَا لِاحْتِيَاجِهِمَا إلَى إثْبَاتِ السَّبَبِ وَفِيهِ تَقَدُّمُ الْأَقْوَى، وَلَوْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فَالْمُؤَرَّخَةُ أَوْلَى قَيَّدَ بِكَوْنِهِمَا خَارِجَيْنِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّهُ يَقْضِي لِلْخَارِجِ إلَّا فِي أَسْبَقِ التَّارِيخِ فَهُوَ لِلْأَسْبَقِ، وَإِنْ أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فَلَا تَرْجِيحَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا يَقْضِي بَيْنَهُمَا إلَّا فِي أَسْبَقِ التَّارِيخِ فَهِيَ لَهُ كَدَعْوَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ) كَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ (سَوَاءٌ) بِالِاتِّفَاقِ فَيَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا تَبَرُّعًا وَأَمَّا فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالدَّارِ فَهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ طَارَ فَيَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَنْفِيذُ الْهِبَةِ فِي الشَّائِعِ فَصَارَ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الِارْتِهَانِ، وَهَذَا أَصَحُّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْبَحْرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّدَقَةَ أَوْلَى مِنْ الْهِبَةِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِ التَّارِيخِ وَالْقَبْضِ، وَأَمَّا إذَا أَرَّخَا قَدَّمَ الْأَسْبَقَ وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخَا، وَمَعَ أَحَدِهِمَا قَبْضٌ كَانَ أَوْلَى، وَكَذَا إنْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ كَانَ كِلَاهُمَا هِبَةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ أَحَدُهُمَا هِبَةً وَالْآخَرُ صَدَقَةً فَمَا لَمْ يَذْكُرْ الشُّهُودُ الْقَبْضَ لَا يَصِحُّ وَإِنْ ذَكَرُوا الْقَبْضَ وَلَمْ يُؤَرِّخُوا أَوْ أَرَّخُوا تَارِيخًا وَاحِدًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُهَا فَلَا يَقْضِي لَهُمَا بِشَيْءٍ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا يَقْضِي لَهُ بِالْإِجْمَاعِ.

(وَكَذَا الشِّرَاءُ وَالْمَهْرُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) أَيْ ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّ، هَذَا الشَّيْءَ اشْتَرَيْته مِنْ زَيْدٍ وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ زَيْدًا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الشَّيْءِ فَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَلَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا أَوْ ذَكَرَا وَاسْتَوَى تَارِيخُهُمَا يَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَالْمَهْرَ سَوَاءٌ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ نِصْفُ الْقِيمَةِ عَلَى الزَّوْجِ وَلِلْمُشْتَرِي نِصْفُ الثَّمَنِ الْمَنْقُودِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ الشِّرَاءُ أَوْلَى) فَيَقْضِي لِصَاحِبِ الشِّرَاءِ (وَعَلَى الزَّوْجِ الْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَاتِ حُجَجُ الشَّرْعِ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا مَا أَمْكَنَ وَهُوَ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَجْعَلَ الشِّرَاءَ سَابِقًا إذْ لَوْ تَزَوَّجَ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ صَحَّتْ الْقِسْمَةُ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ عِنْدَ تَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ قَيَّدَ بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ نِكَاحٌ وَهِبَةٌ أَوْ رَهْنٌ أَوْ صَدَقَةٌ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى.

وَفِي الْمِنَحِ اعْتِرَاضٌ عَنْ طَرَفِ صَاحِبِ الْفُصُولَيْنِ وَجَوَابٌ عَنْ طَرَفِ صَاحِبِ الْبَحْرِ فَلْيُطَالَعْ.

(وَالرَّهْنُ مَعَ الْقَبْضِ أَوْلَى مِنْ الْهِبَةِ) بِلَا عِوَضٍ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْقَبْضِ يَعْنِي لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا رَهْنًا مَقْبُوضًا وَالْآخَرُ هِبَةً وَقَبْضًا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَلَمْ يُؤَرِّخَا فَمُدَّعِي الرَّهْنِ أَوْلَى اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْهِبَةَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ وَالرَّهْنُ لَا يُثْبِتُهُ فَكَانَتْ الْبَيِّنَةُ الْمُثْبِتَةُ لِلزِّيَادَةِ أَوْلَى، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ الْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ وَبِحُكْمِ الْهِبَةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَعَقْدُ الضَّمَانِ أَقْوَى (فَإِنْ كَانَتْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>