أَيْ الْهِبَةُ (بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَهِيَ) أَيْ الْهِبَةُ (أَوْلَى) مِنْ الرَّهْنِ لِكَوْنِهَا فِي مَعْنَى الْبَيْعِ انْتِهَاءً فَيَكُونُ عَقْدُهَا عَقْدُ زَمَانٍ يُثْبِتُ الْمِلْكَ مَعْنًى وَصُورَةً بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَا يُثْبِتُهُ إلَّا عِنْدَ الْهَلَاكِ مَعْنًى لَا صُورَةً، هَذَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ ثَالِثٍ إذَا لَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا يَقْضِي بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إلَّا أَنْ يُؤَرِّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَيَقْضِي لَهُ.
(وَإِنْ بَرْهَنَ خَارِجَانِ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ ذُكِرَتْ وَإِعَادَتُهَا هُنَا لِأَجْلِ ذِكْرِ التَّارِيخِ (أَوْ شِرَاءٍ مُؤَرَّخٍ مِنْ وَاحِدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِشِرَاءِ (غَيْرِ ذِي الْيَدِ) احْتَرَزَ بِهَذَا عَمَّا بَرْهَنَا عَلَى مَا فِي يَدِ آخَرَ كَمَا مَرَّ تَفْصِيلُهَا (فَالسَّابِقُ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ مِلْكَهُ فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ أَحَدٌ إلَّا إذَا تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَلَى تَخْرِيجِ الْكَرْخِيِّ وَقَوْلُ الْإِمَامِ عَلَى تَخْرِيجِ صَاحِبِ الْأَمَالِي وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَمُحَمَّدٍ أَوَّلًا وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا هُوَ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَإِنْ بَرْهَنَ أَحَدُهُمَا عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ زَيْدٍ وَ) بَرْهَنَ (الْآخَرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الشِّرَاءِ (مِنْ بَكْرٍ) وَاتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا فَهُمَا سَوَاءٌ حَتَّى يَكُونَ الْمَبِيعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَثْبَتَ الْمِلْكَ لِبَائِعِهِ وَمِلْكُ بَائِعِهِ مُطْلَقٌ بِلَا تَارِيخٍ فَصَارَ مَا إذَا حَضَرَ الْبَائِعُ فَادَّعَى الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ فَيَكُونُ بَيْنَ الْخَارِجَيْنِ لِاسْتِوَاءِ تَارِيخِهِمَا.
(وَكَذَا لَوْ وَقَّتَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ تَوْقِيتَ أَحَدِهِمَا لَا يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْمِلْكِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَقْدَمَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لَا يُتَلَقَّى إلَّا مِنْ جِهَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَثْبَتَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا يَحْكُمُ بِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ تَقَدَّمَهُ شِرَاءُ غَيْرِهِ.
وَفِي الْبَحْرِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَتَمَامُهُ فِيهِ فَلْيُطَالَعْ.
(وَلَوْ بَرْهَنَ خَارِجٌ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ شَخْصٍ وَ) بَرْهَنَ خَارِجٌ (آخَرُ عَلَى الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ مِنْ غَيْرِهِ وَ) بَرْهَنَ خَارِجٌ (آخَرُ عَلَى الْإِرْثِ مِنْ أَبِيهِ وَ) بَرْهَنَ خَارِجٌ (آخَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالْقَبْضِ مِنْ رَابِعٍ قَضَى بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا) سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُمْ أَوْ مَعَ بَعْضِهِمْ تَارِيخٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ الْمِلْكَ لِمُمَلِّكِيهِمْ وَذَلِكَ تَارِيخٌ فِيهِ وَلَا يُقَدِّمُ الْأَقْوَى كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَلَوْ بَرْهَنَ خَارِجٌ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ وَذُو الْيَدِ عَلَى مِلْكٍ أَقْدَمُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخَارِجِ (فَهُوَ) أَيْ ذُو الْيَدِ (أَوْلَى) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةٍ) .
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ عَلَى مَا قَالَا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فَقَالَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِي مِلْكِ الْمُطْلَقِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ فِيهِ تُثْبِتُ أَوَّلِيَّةَ الْمِلْكِ فَيَسْتَوِي فِيهَا التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا أَقَامَاهَا عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَلَهُمَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ مَعَ التَّارِيخِ تَدْفَعُ مِلْكَ غَيْرِهِ فِي وَقْتِ التَّارِيخِ وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى الدَّفْعِ مَقْبُولَةٌ فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِغَيْرِهِ بَعْدَهُ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ قَيَّدَ بِسَبْقِ تَارِيخِ ذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا تَارِيخٌ أَوْ اسْتَوَى تَارِيخُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute