عِنْدَهُ) أَيْ لَوْ تَلَقَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ الْمِلْكَ مِنْ رَجُلٍ فَكَانَ هُنَاكَ بَائِعَانِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ عِنْدَ مَنْ تَلَقَّى مِنْهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إقَامَتِهَا عَلَى النِّتَاجِ فِي يَدِ نَفْسِهِ فَيَقْضِي بِهِ لِذِي الْيَدِ كَأَنَّ الْبَائِعَيْنِ قَدْ حَضَرَا وَأَقَامَا عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَقْضِي ثَمَّةَ لِصَاحِبِ الْيَدِ كَذَلِكَ هَهُنَا كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.
(وَلَوْ بَرْهَنَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَالْآخَرُ عَلَى النِّتَاجِ فَهُوَ) أَيْ صَاحِبُ النِّتَاجِ (أَوْلَى) أَيُّهُمَا كَانَ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ قَامَتْ عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ صَرِيحًا فَلَا يَثْبُتُ لِلْآخَرِ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْهُ وَالْآخَرُ لَمْ يَتَلَقَّ مِنْهُ وَأَوَّلِيَّتُهُ تَثْبُتُ دَلَالَةً وَلَا عِبْرَةَ بِهَا مَعَ الصَّرِيحِ.
(وَكَذَا لَوْ كَانَا خَارِجِينَ) فَبَرْهَنَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَالْآخَرُ عَلَى النِّتَاجِ فَبَيِّنَةُ النِّتَاجِ أَوَّلًا لِمَا بَيَّنَّا.
(وَلَوْ قَضَى بِالنِّتَاجِ لِذِي الْيَدِ ثُمَّ بَرْهَنَ ثَالِثٌ عَلَى النِّتَاجِ قَضَى لَهُ) أَيْ لِلثَّالِثِ (إلَّا أَنْ يُعِيدَ ذُو الْيَدِ بُرْهَانَهُ) ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ مَا قَامَتْ عَلَى هَذَا الْمُدَّعِي وَإِنَّمَا قَامَتْ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَمْ يَصِرْ الثَّالِثُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْقَضِيَّةِ (كَمَا لَوْ بَرْهَنَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ عَلَى النِّتَاجِ يَقْبَلُ وَيَنْقُضُ الْقَضَاءَ) أَيْ لَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ وَالْخَارِجُ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَبَرْهَنَا فَقَضَى عَلَى ذِي الْيَدِ بِالْمِلْكِ ثُمَّ إنَّ ذَا الْيَدِ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ تُقْبَلُ وَيُنْقَضُ بِهِ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ فِي دَلَالَتِهِ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ قَطْعًا فَكَانَ الْقَضَاءُ وَاقِعًا عَلَى خِلَافِهِ كَالْقَضَاءِ الْوَاقِعِ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ.
وَفِي الْقِيَاسِ لَا يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ لِصَيْرُورَتِهِ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.
وَفِي الْبَحْرِ أَطْلَقَ فَشَمِلَ مَا إذَا بَرْهَنَ الْخَارِجُ فَقَطْ عَلَى النِّتَاجِ وَقَضَى لَهُ ثُمَّ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ يَقْضِي لَهُ وَيَبْطُلُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ وَلَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ نِتَاجًا أَيْضًا، وَلَمْ يُبَرْهِنَا حَتَّى حَكَمَ بِهَا لِلْمُدَّعِي بِالنِّتَاجِ ثُمَّ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى النِّتَاجِ لَا يُنْتَقَضُ الْحُكْمُ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ فِي حَادِثَةٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ إلَّا إذَا بَرْهَنَ عَلَى إبْطَالِ الْقَضَاءِ أَوْ عَلَى تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ أَوْ عَلَى النِّتَاجِ انْتَهَى.
(وَكُلُّ سَبَبٍ لَا يَتَكَرَّرُ) أَيْ فِي الْمِلْكِ إذَا ادَّعَاهُ ذُو الْيَدِ (فَهُوَ مِثْلُ النِّتَاجِ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ النِّتَاجِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ وَذَلِكَ (كَنَسْجِ ثِيَابٍ لَا تُنْسَجُ إلَّا مَرَّةً) كَمَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ ثَوْبًا أَنَّهُ مِلْكُهُ نَسَجَهُ وَهُوَ مِمَّا لَا يَتَكَرَّرُ نَسْجُهُ وَكَمَا إذَا ادَّعَتْ غَزْلَ قُطْنٍ أَنَّهُ مِلْكُهَا غَزَلَتْهُ بِيَدِهَا (وَكَحَلَبِ اللَّبَنِ) فَإِنَّهُ مِمَّا يَتَكَرَّرُ أَيْضًا فَإِذَا ادَّعَى لَبَنًا أَنَّهُ مِلْكُهُ حَلَبَهُ مِنْ شَاتِه (وَاِتِّخَاذِ الْجُبْنِ) بِأَنْ ادَّعَى جُبْنًا أَنَّهُ مِلْكُهُ صَنَعَهُ فِي مِلْكِهِ (وَاللُّبَدِ) بِأَنْ ادَّعَى لِبْدًا بِأَنَّهُ صَنَعَهُ مِنْ الصُّوفِ الَّذِي هُوَ مِلْكُهُ (وَالْمِرْعِزَّى) وَهِيَ كَالصُّوفِ تَحْتَ شَعْرِ الْمَعْزِ (وَجَزِّ الصُّوفِ) بِأَنْ ادَّعَى صُوفًا مَجْزُوزًا أَنَّهُ مِلْكُهُ جَزَّهُ مِنْ شَاتِه وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَادَّعَى ذُو الْيَدِ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَقْضِي بِذَلِكَ لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُلْحَقُ بِهِ بِدَلَالَةِ النَّصِّ (وَمَا يَتَكَرَّرُ) أَيْ كُلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute