سَبَبٍ يَتَكَرَّرُ قَضَى بِهِ لِلْخَارِجِ (بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ) لَا يُلْحَقُ بِالنِّتَاجِ (كَنَسْجِ الْخَزِّ) وَهُوَ اسْمُ دَابَّةٍ ثُمَّ سُمِّيَ الثَّوْبُ الْمُتَّخَذُ مِنْ وَبِرِّهِ خَزًّا فَإِنَّهُ مِمَّا يَتَكَرَّرُ؛ لِأَنَّ الْخَزَّ وَالصُّوفَ وَالشَّعْرَ إذَا بَلَى يُنْقَضُ وَيُغْزَلُ مَرَّةً أُخْرَى ثُمَّ يُنْسَجُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ ذَا الْيَدِ نَسَجَهُ ثُمَّ غَصَبَهُ الْخَارِجُ وَنَقَضَهُ ثُمَّ نَسَجَهُ فَيَكُونُ مِلْكًا لَهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ (وَكَالْبِنَاءِ) فَإِنَّهُ مِمَّا يَتَكَرَّرُ؛ لِأَنَّهُ يُبْنَى ثُمَّ يَنْهَدِمُ ثُمَّ يُبْنَى (وَالْغَرْسِ) ؛ لِأَنَّ النَّخْلَ يُغْرَسُ غَيْرَ مَرَّةٍ (وَزِرَاعَةِ الْبُرِّ وَالْحُبُوبِ) ؛ لِأَنَّ الْبُرَّ قَدْ يُزْرَعُ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُغَرْبَلُ التُّرَابُ فَيُمَيَّزُ الْبُرُّ مِنْهُ ثُمَّ يُزْرَعُ ثَانِيًا فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ وَكَذَا كُلُّ مَا يُزْرَعُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَإِذَا ادَّعَى ثَوْبًا أَنَّهُ مِلْكُهُ مِنْ خَزِّهِ أَوْ ادَّعَى دَارًا أَنَّهَا مِلْكُهُ بَنَاهَا أَوْ ادَّعَى غَرْسًا أَنَّهُ مِلْكُهُ غَرْسَهُ أَوْ حِنْطَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ زَرْعَهَا أَوْ حَبًّا آخَرَ مِنْ الْحُبُوبِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَادَّعَى ذُو الْيَدِ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً قَضَى بِهِ لِلْخَارِجِ لِمَا مَرَّ (وَمَا أَشْكَلَ) بِحَيْثُ لَا يَتَيَقَّنُ بِالتَّكَرُّرِ وَعَدَمِهِ (رَجَعَ فِيهِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (فَإِنْ أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ (جُعِلَ كَالْمُطْلَقِ) أَيْ قَضَى بِهِ لِلْخَارِجِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بَيِّنَةٌ هُوَ الْأَصْلُ وَإِنَّمَا عَدَلْنَا عَنْهُ بِخَبَرِ النِّتَاجِ كَمَا رَوَيْنَا فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصْلِ.
(وَإِنْ بَرْهَنَ خَارِجٌ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ وَذُو يَدٍ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخَارِجِ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا مَثَلًا فِي زَيْدٍ وَادَّعَاهُ بَكْرٌ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ وَبَرْهَنَ زَيْدٌ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ (فَهُوَ) أَيْ ذُو الْيَدِ (أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ وَإِنْ كَانَ يُثْبِتُ أَوَّلِيَّةُ الْمِلْكِ فَذُو الْيَدِ يَتَلَقَّى الْمَلِكَ مِنْهُ وَلَا تَنَافِي فِيهِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْهُ.
(وَإِنْ بَرْهَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ (عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ صَاحِبِهِ وَلَا تَارِيخَ لَهُمَا تَهَاتَرَتَا) أَيْ سَقَطَتْ الْبَيِّنَتَانِ (وَتُرِكَ الْمَالُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ) بِغَيْرِ قَضَاءٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (وَعِنْد مُحَمَّدٍ) إنْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا (يَقْضِي) بِالْبَيِّنَتَيْنِ (لِلْخَارِجِ) لِإِمْكَانِ الْعَمَلِ بِهِمَا يَجْعَلُ ذَا الْيَدِ مُشْتَرِيًا مِنْ الْخَارِجِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَيُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ الْقَبْضِ دَلَالَةُ السَّبْقِ عَلَى مَا مَرَّ وَلَا يَعْكِسُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ وَلَهُمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالشِّرَاءِ مِنْ صَاحِبِهِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْمِلْكِ لَهُ فَصَارَ بَيِّنَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى إقْرَارِ الْآخَرِ وَفِيهِ التَّهَاتُرُ بِالْإِجْمَاعِ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ فَكَذَا، هَذَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَإِنْ أَرَّخَا) أَيْ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ (فِي الْعَقَارِ بِلَا ذِكْرِ قَبْضٍ وَتَارِيخُ الْخَارِجِ أَسْبَقُ قَضَى لِذِي الْيَدِ) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْخَارِجَ اشْتَرَى أَوَّلًا ثُمَّ بَاعَ مِنْ ذِي الْيَدِ، وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْعَقَارِ عِنْدَهُمَا (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) قَضَى (لِلْخَارِجِ) إذْ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ بِهِ لِذِي الْيَدِ عِنْدَهُ أَيْضًا فَيَجْعَلُ الْخَارِجَ كَأَنَّهُ قَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ لِذِي الْيَدِ عِنْدَهُ أَيْضًا فَجَعَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute