(لَهُ كَانَ) الْحُكْمُ أَوْ الْإِقْرَارُ (كَمَا قَالَ) بِأَنْ يَكُونَ الْبِنَاءُ لَهُ وَالْعَرْصَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ الْعَرْصَةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْبُقْعَةِ دُونَ الْبِنَاءِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ بَيَاضُ هَذِهِ الْأَرْضِ دُونَ الْبِنَاءِ لِفُلَانٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ إلَيَّ وَأَرْضُهَا لِفُلَانٍ حَيْثُ يَكُونُ لَهُ الْبِنَاءُ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَرْضَ كَالدَّارِ فَيَتْبَعُهَا الْبِنَاءُ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِزَيْدٍ، وَالْأَرْضُ لِعَمْرٍو حَيْثُ يَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ (وَفَصُّ الْخَاتَمِ، وَنَخْلُ الْبُسْتَانِ كَبِنَائِهَا) ، وَكَذَا طَوْقُ الْجَارِيَةِ لِأَنَّ دُخُولَ الْفَصِّ فِي الْخَاتَمِ بِالتَّبَعِيَّةِ، وَكَذَا دُخُولُ النَّخْلِ فِي الْبُسْتَانِ، فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: الْحُقَّةُ لِفُلَانٍ وَالْفَصُّ لِي وَالْأَرْضُ لَهُ وَالنَّخْلُ لِي يَصِحُّ.
(وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ) دِرْهَمٍ (مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ) اشْتَرَيْته مِنْهُ (لَمْ أَقْبِضْهُ) أَيْ الْعَبْدَ، الْجُمْلَةُ صِفَةُ عَبْدٍ (فَإِنْ عَيَّنَهُ) أَيْ الْمُقِرُّ الْعَبْدَ بِأَنْ ذَكَرَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ، وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي شِرَائِهِ وَعَدَمِ قَبْضِهِ (قِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ: سَلِّمْ) الْعَبْدَ إلَى الْمُقِرِّ (وَتَسَلَّمْ) أَمْرٌ مِنْ التَّفَعُّلِ، أَيْ: خُذْ ثَمَنَهُ مِنْهُ (إنْ شِئْت) فَإِنْ سَلَّمَ الْمُقَرُّ لَهُ الْعَبْدَ الْمُعَيَّنَ بِأَنْ يُحْضِرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَلْزَمُ عَلَى الْمُقِرِّ أَلْفٌ بِهَذَا الْقَيْدِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ عَلَى صِفَةٍ فَيَلْزَمُهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْعَبْدَ إلَى الْمُقِرِّ لَا يَلْزَمُهُ أَلْفٌ إجْمَاعًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ.
أَحَدُهَا مَا ذُكِرَ هُنَا.
وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ الْمُقَرُّ لَهُ: الْقِنُّ قِنُّك مَا بِعْته وَإِنَّمَا بِعْتُك قِنًّا غَيْرَهُ، وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْأَوَّلِ.
وَالثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ: الْقِنُّ قِنِّي مَا بِعْتُكَهُ وَحُكْمُهُ أَنْ لَا يَلْزَمَ عَلَى الْمُقِرِّ شَيْءٌ.
وَالرَّابِعُ أَنْ يَقُولَ: الْقِنُّ قِنِّي مَا بِعْتُكَهُ، وَأَنَا بِعْتُك غَيْرَهُ، وَحُكْمُهُ أَنْ يَتَحَالَفَا لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْمَبِيعِ، وَهُوَ يُوجِبُ التَّحَالُفَ، وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ، فَلْيُرَاجَعْ.
(وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ) أَيْ الْمُقِرُّ الْعَبْدَ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي عَدَمِ قَبْضِهِ (لَزِمَهُ) أَيْ الْمُقِرَّ (الْأَلْفُ وَلَغَا قَوْلُهُ لَمْ أَقْبِضْهُ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَلَا يَصِحُّ لَا مَوْصُولًا وَلَا مَفْصُولًا، وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَالْحَسَنُ وَعِنْدَهُمَا إنْ وَصَلَ صُدِّقَ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَإِنْ فَصَلَ فَإِنْ أَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ سَبَبَ الْوُجُوبِ لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لِأَنَّهُ بَيَانُ تَغْيِيرٍ فَيَصِحُّ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا، وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ.
(وَلَوْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لَا يُصَدَّقُ) عِنْدَ الْإِمَامِ وَصَلَ أَوْ فَصَلَ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ (وَعِنْدَهُمَا) وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (إنْ وَصَلَ صُدِّقَ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ عَلَى مَا مَرَّ آنِفًا، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَهُوَ حَرَامٌ أَوْ رِبًا، فَهِيَ لَازِمَةٌ لَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هَذَا حَلَالًا عِنْدَ غَيْرِهِ، وَلَوْ قَالَ: زُورًا أَوْ بَاطِلًا إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ لَزِمَهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَلَوْ قَالَ) : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ، أَوْ أَقْرَضَنِي وَهِيَ) أَيْ الْأَلْفُ (زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ) أَوْ سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ (لَزِمَهُ الْجِيَادُ) لِأَنَّ الْبَيْعَ أَوْ الْقَرْضَ يَقَعُ عَلَى الْجِيَادِ فَلَا يَجُوزُ التَّفْسِيرُ بِضِدِّهَا هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute