للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَلَ أَوْ فَصَلَ (وَقَالَا يَلْزَمُهُ مَا قَالَ إنْ وَصَلَ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ بَيَانُ تَغْيِيرٍ فَيُصَدَّقُ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ.

(وَإِنْ قَالَ) لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (مِنْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَهِيَ زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ صُدِّقَ) اتِّفَاقًا وَصَلَ أَوْ فَصَلَ فَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَا يَقْتَضِي السَّلَامَةَ، وَكَذَا الْوَدِيعَةُ لِأَنَّ الشَّخْصَ يَغْصِبُ بِمَا يَجِدُهُ وَيُودِعُ بِمَا يَمْلِكُهُ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا بَلْ بَيَانًا لِلنَّوْعِ فَصُدِّقَ مُطْلَقًا.

(وَلَوْ قَالَ) : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَهِيَ (سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ فَإِنْ وَصَلَ صُدِّقَ) لِأَنَّهُ بَيَانُ تَغْيِيرٍ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ، وَإِنْ فَصَلَ لَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ، إلَّا أَنَّ اسْمَ الدَّرَاهِمِ يَتَنَاوَلُهُمَا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ فَكَانَ بَيَانًا مُغَيِّرًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْوَصْلِ.

(وَلَوْ قَالَ غَصَبْت ثَوْبًا وَجَاءَ بِمَعِيبٍ) أَيْ بِثَوْبٍ مَعِيبٍ (صُدِّقَ) الْمُقِرُّ مَعَ الْحَلِفِ إنْ لَمْ يُثْبِتْ الْخَصْمُ سَلَامَتَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْغَصْبَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالسَّلِيمِ كَالْوَدِيعَةِ.

(وَلَوْ قَالَ) : لَهُ (عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنَّهُ يَنْقُصُ مِائَةً صُدِّقَ إنْ وَصَلَ، وَإِلَّا لَزِمَ الْأَلْفُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَجُوزُ مُتَّصِلًا لَا مُنْفَصِلًا.

(وَلَوْ قَالَ) الْمُقِرُّ: (أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ) فِي يَدِي مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ (وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ) : بَلْ (أَخَذْتَهَا) مِنِّي حَالَ كَوْنِهَا (غَصْبًا ضَمِنَ) الْمُقِرُّ مَا أَقَرَّ بِأَخْذِهِ لَهُ، لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ - وَهُوَ الْأَخْذُ - ثُمَّ إنَّهُ ادَّعَى مَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ - وَهُوَ الْإِذْنُ بِالْأَخْذِ - وَالْآخَرُ يُنْكِرُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُ الْمُقَرُّ لَهُ: بَلْ أَخَذْتَهَا قَرْضًا حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ حَصَلَ بِإِذْنِهِ، وَهَذَا لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْآخِذِ إلَّا بِاعْتِبَارِ عَقْدِ الضَّمَانِ، فَالْمَالِكُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَقْدَ وَذَلِكَ يُنْكِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ.

(وَلَوْ قَالَ) الْمُقِرُّ: (بَدَلَ " أَخَذْتُ " أَعْطَيْتَنِي لَا يَضْمَنُ) الْمُقِرُّ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِمَا يُوجِبُ الضَّمَانَ بَلْ أَقَرَّ بِالْإِعْطَاءِ، وَهُوَ فِعْلُ الْمُقَرِّ لَهُ، فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ، وَالْمُقَرُّ لَهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ سَبَبَ الضَّمَانِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ.

(وَلَوْ قَالَ: غَصَبْت هَذَا الشَّيْءَ مِنْ زَيْدٍ لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو فَهُوَ) أَيْ الشَّيْءُ (لِزَيْدٍ وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُقِرِّ (قِيمَتُهُ لِعَمْرٍو) لِأَنَّ قَوْلَهُ " مِنْ زَيْدٍ " إقْرَارٌ لَهُ ثُمَّ قَوْلُهُ لَا رُجُوعَ عَنْهُ فَلَا يُقْبَلُ وَقَوْلُهُ " بَلْ لِعَمْرٍو " إقْرَارٌ مِنْهُ لِعَمْرٍو وَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ بِالْإِقْرَارِ لِزَيْدٍ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِعَمْرٍو.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا بَلْ أَلْفَانِ يَلْزَمُهُ أَلْفَانِ اسْتِحْسَانًا.

وَفِي الْقِيَاسِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَلَوْ: قَالَ غَصَبْته عَبْدًا أَسْوَدَ لَا بَلْ أَبْيَضَ لَزِمَهُ عَبْدٌ أَبْيَضُ، وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُهُ ثَوْبًا هَرَوِيًّا لَا بَلْ مَرْوِيًّا لَزِمَاهُ، وَكَذَا لَهُ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ لَا بَلْ كُرُّ شَعِيرٍ لَزِمَاهُ وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ لَزِمَهُ الْمَالَانِ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا بَلْ خَمْسُمِائَةٍ لَزِمَهُ الْأَلْفُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ " لَا بَلْ " مَتَى تَخَلَّلَتْ بَيْنَ الْمَالَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ لَزِمَاهُ وَكَذَلِكَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>