ثُمَّ يَبِيعَ نَسِيئَةً وَلَا كَذَلِكَ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ ثُمَّ الْبَيْعَ بِالنَّسَأِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُضَارِبِ (أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِ الْمُضَارَبَةِ) أَيْ الْعَبْدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ (فِي التِّجَارَةِ) .
وَفِي رِوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ لِأَنَّهُ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّفْعِ مُضَارَبَةً.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمُضَارِبِ (أَنْ يُزَوِّجَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً مِنْ مَالِهَا) أَيْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ، مَعَ أَنَّ عَقْدَ الْمُضَارَبَةِ يَتَضَمَّنُ التَّوْكِيلَ بِالتِّجَارَةِ فَلَا يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ، وَإِنْ كَانَ اكْتِسَابًا بِجِهَةٍ أُخْرَى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُضَارِبَ يُزَوِّجُ الْأَمَةَ لِأَنَّهُ مِنْ الِاكْتِسَابِ إذْ يَسْتَفِيدُ بِهِ الْمَهْرَ وَسُقُوطَ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ وَطْءُ جَارِيَةِ الْمُضَارَبَةِ رَبِحَ أَوْ لَا وَأَذِنَ بِهِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَلَا) يَجُوزُ لِلْمُضَارِبِ (أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ) أَيْ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ (مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعِتْقُ بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ كَاشْتِرَاءِ ابْنِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ بِسَبَبِ الْيَمِينِ كَقَوْلِهِ: إنْ مَلَكْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّ حُصُولَ الرِّبْحِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ بِالْعِتْقِ، فَعَقْدُ الْمُضَارَبَةِ يُنَافِيهِ (فَإِنْ شَرَى) الْمُضَارِبُ بِهِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (كَانَ) الشِّرَاءُ (لَهُ) أَيْ لِنَفْسِ الْمُضَارِبِ وَيَضْمَنُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ (لَا لَهَا) أَيْ لَا يَكُونُ لِلْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ نَافِذٌ عَلَى الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ أَصِيلًا فِي حَقِّ الْبَائِعِ.
(وَلَا) يَجُوزُ لِلْمُضَارِبِ (أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُضَارِبِ (إنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ) لِأَنَّهُ يَعْتِقُ نَصِيبُهُ، وَيَفْسُدُ نَصِيبُ رَبِّ الْمَالِ بِسَبَبِهِ أَوْ يَعْتِقُ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي مَضَى بَيَانُهُ فِي الْعِتْقِ، وَالْمُرَادُ مِنْ الرِّبْحِ هُنَا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ فِي جُمْلَةِ رَأْسِ الْمَالِ رِبْحٌ أَوْ لَا، حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَالُ أَلْفًا فَاشْتَرَى بِهَا الْمُضَارِبُ عَبْدَيْنِ، قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَأَعْتَقَهُمَا الْمُضَارِبُ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى اسْتِحْقَاقِ الْمُضَارِبِ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ فِي الْجُمْلَةِ رِبْحٌ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُمَا رَبُّ الْمَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَحَّ وَضَمِنَ نَصِيبَ الْمُضَارِبِ مِنْهُمَا وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا كَمَا فِي الْمِنَحِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (ضَمِنَ) أَيْ الْمُضَارِبُ لِأَنَّهُ مُشْتَرًى لِنَفْسِهِ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي الْمَالِ (رِبْحٌ صَحَّ) شِرَاؤُهُ لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذْ لَا مِلْكَ لِلْمُضَارِبِ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَشْغُولًا بِرَأْسِ الْمَالِ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِلْمُضَارَبَةِ فَيَصِحُّ (فَإِنْ حَدَثَ رِبْحٌ بَعْدَ الشِّرَاءِ) بِأَنْ كَانَ قِيمَتُهُ وَقْتَ الشِّرَاءِ قَدْرَ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ حَتَّى صَارَتْ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (عَتَقَ نَصِيبُهُ) أَيْ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ لِكَوْنِهِ مَالِكًا قَرِيبَهُ (وَلَا يَضْمَنُ) لِرَبِّ الْمَالِ شَيْئًا مِنْ قِيمَتِهِ لِعَدَمِ صُنْعِهِ فِي زِيَادَتِهَا فَصَارَ كَمَا إذَا وَرِثَهُ مَعَ غَيْرِهِ (بَلْ يُسْعَى الْمُعْتَقُ) بِفَتْحِ التَّاءِ (فِي) قِيمَةِ (نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ) مِنْهُ لِاحْتِبَاسِ رَأْسِ الْمَالِ وَنَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute