للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَدَ فِيهِ (أَوْ فِي مِصْرٍ اتَّخَذَهُ دَارًا) أَيْ وَطَنًا إذْ لَا يَحْتَبِسُ فِيهِ لِعَمَلِ الْمُضَارَبَةِ بَلْ يَسْكُنُ فِيهِ بِالسُّكْنَى الْأَصْلِيِّ عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ قَيَّدَ بِاتَّخَذَهُ وَطَنًا لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي مِصْرٍ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ وَطَنًا فَنَفَقَتُهُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ.

(وَلَا) يُنْفِقُ (فِي) الْمُضَارَبَةِ (الْفَاسِدَةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ وَلَا نَفَقَةَ لَهُ (فَإِنْ سَافَرَ) الْمُضَارِبُ لِلتِّجَارَةِ فِي الْمُضَارَبَةِ (فَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ مِنْ مَالِهَا) أَيْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِسَبَبِ الِاحْتِبَاسِ كَنَفَقَةِ الْقَاضِي وَالزَّوْجَةِ، فَإِذَا سَافَرَ صَارَ مَحْبُوسًا بِهِ فَتَجِبُ مُؤْنَتُهُ الرَّاتِبَةُ فِيهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مِثْلُ هَذَا الْإِنْفَاقِ فِي عُرْفِهِمْ إسْرَافًا.

(وَكَذَا كِسْوَتُهُ) بِالْمَعْرُوفِ (وَرَكُوبُهُ شِرَاءً وَاسْتِئْجَارًا) ، وَعَلَفُ الدَّابَّةِ الَّتِي يَرْكَبُهَا فِي سَفَرِهِ، وَحَوَائِجُهُ وَالرَّكُوبُ بِالْفَتْحِ الْمَرْكُوبُ.

(وَكَذَا أُجْرَةُ خَادِمِهِ) أَيْ خَابِزُهُ وَطَابِخُهُ وَغَاسِلُ ثِيَابِهِ وَعَامِلُ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ اعْتِبَارًا لِعَادَةِ التُّجَّارِ (وَفِرَاشٌ يَنَامُ عَلَيْهِ وَغَسْلُ ثِيَابِهِ) مُسْتَدْرَكٌ بِقَوْلِهِ، وَخَادِمُهُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ ثَمَنُ مَا يَغْسِلُ بِهِ مِثْلُ الْحُرْضِ وَالصَّابُونِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ.

(وَ) كَذَا (الدَّهْنُ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْهَاءِ بِمَعْنَى الْأَدْهَانِ (فِي مَوْضِعٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الدَّهْنِ كَالْحِجَازِ، وَكَذَا أُجْرَةُ الْحَمَّامِ وَالْحَلَّاقِ وَدَهْنُ السِّرَاجِ وَالْحَطَبِ وَإِنَّمَا قُلْنَا اعْتِبَارًا لِعَادَةِ التُّجَّارِ؛ لِأَنَّ غَسْلَ الثِّيَابِ وَنَحْوِهِ لَيْسَ مِمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَأُجْرَةِ الْحَمَّامِ وَلَكِنْ فِي عَادَةِ التِّجَارَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ لِيَزْدَادَ رَغَبَاتُ النَّاسِ فِي مُعَامَلَتِهِمْ وَلَا يَعُدُّونَهُمْ فِي عِدَادِ الْمَفَالِيسِ (وَضَمِنَ) الْمُضَارِبُ (مَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الْعَادَةِ) لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ.

(وَنَفَقَتُهُ) أَيْ الْمُضَارِبِ (فِي مِصْرِهِ مِنْ مَالِهِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهَا جَزَاءُ الِاحْتِبَاسِ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ ضِمْنًا فِي قَوْلِهِ: وَلَا يُنْفِقُ الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِهَا فِي مِصْرِهِ فَلَوْ اقْتَصَرَ لَكَانَ أَحْصَرَ (كَالدَّوَاءِ) ، فَإِنَّهُ مِنْ مَالِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى النَّفَقَةِ دَائِمَةٌ بِخِلَافِ الدَّوَاءِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ، وَقَدْ لَا يَمْرَضُ فَلَا يُعَدُّ مِنْ جُمْلَةِ النَّفَقَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي السَّفَرِ أَوْ الْحَضَرِ فَيَكُونُ مِنْ مَالِهِ كَزَوْجَةٍ يَكُونُ دَوَاؤُهَا مِنْ مَالِهَا.

وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الدَّوَاءَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التِّجَارَةِ إلَّا بِهِ فَيَصِيرُ كَالنَّفَقَةِ (وَيَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ كِسْوَةٍ وَغَيْرِهَا) كَالطَّعَامِ وَنَحْوِهِ (إذَا قَدِمَ) مِنْ السَّفَرِ إلَى مَسْكَنِهِ (إلَى رَأْسِ الْمَالِ) لِانْتِهَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ بِانْتِهَاءِ السَّفَرِ (وَمَا دُونَ السَّفَرِ كَسُوقِ الْمِصْرِ) فِي كَوْنِ نَفَقَتِهِ فِي مَالِهِ لَا فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ (إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَغْدُوَ وَيَبِيتَ فِي أَهْلِهِ) ؛ لِأَنَّ أَهْلَ السُّوقِ يَتَّجِرُونَ فِي أَسْوَاقِ الْمِصْرِ وَيَبِيتُونَ فِي مَنَازِلِهِمْ مَعَ أَنَّ ذَهَابَهُمْ وَإِيَابَهُمْ لِمَصَالِحِ أَنْفُسِهِمْ لَا لِلْغَيْرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَغْدُوَ وَيَبِيتَ بِأَهْلِهِ (فَكَالسَّفَرِ) فِي كَوْنِ نَفَقَتِهِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ لَا فِي مَالِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ ذَهَابَهُ قَدْ صَارَ لِلْمُضَارَبَةِ يَقِينًا (وَلَيْسَ لِلْمُسْتَبْضِعِ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِهَا) أَيْ مِنْ مَالِ الْبِضَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>