فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فَلَا تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ.
(وَيُؤْخَذُ مَا أَنْفَقَهُ الْمُضَارِبُ مِنْ الرِّبْحِ أَوَّلًا) يُرِيدُ أَنَّ الْمُضَارِبَ إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَرَبِحَ يَأْخُذُ الْمَالِكُ مِنْ الرِّبْحِ مِقْدَارَ مَا أَنْفَقَهُ الْمُضَارِبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِيُكْمِلَ رَأْسَ الْمَالِ (وَمَا فَضَلَ) مِنْ الرِّبْحِ (قُسِمَ) بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا فَتَكُونُ النَّفَقَةُ مَصْرُوفَةً إلَى الرِّبْحِ لَا إلَى رَأْسِ الْمَالِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْبَحْ تَجِبُ النَّفَقَةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا فِي الْفَرَائِدِ وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ هَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ.
(وَإِنْ سَافَرَ) الْمُضَارِبُ (بِمَالِهِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ) أَوْ خَلَطَ مَالَهُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ (أَوْ) سَافَرَ (بِمَالَيْنِ لِرَجُلَيْنِ أَنْفَقَ بِالْحِصَّةِ) أَيْ تُوَزَّعُ النَّفَقَةُ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ مِنْ الْمَالِ.
(وَإِنْ بَاعَ) الْمُضَارِبُ (مَتَاعَ الْمُضَارَبَةِ مُرَابَحَةً حَسِبَ مَا أَنْفَقَهُ) أَيْ الْمُضَارِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَتَاعِ (مِنْ) أُجْرَةِ (حَمْلٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَ التُّجَّارِ بِضَمِّهِ كَأُجْرَةِ السِّمْسَارِ وَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ وَقَالَ قَامَ عَلِيٌّ بِكَذَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَزِيدُ فِي الْقِيمَةِ وَتَعَارَفَ التُّجَّارُ إلْحَاقَهَا إلَى رَأْسِ الْمَالِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ فَلِهَذَا قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَكَذَا يَضُمُّ إلَى رَأْسِ الْمَالِ مَا يُوجِبُ زِيَادَةً فِيهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا أَوْ اعْتَقَدَهُ التُّجَّارَ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (لَا) يَحْسِبُ (نَفَقَةَ نَفْسِهِ) أَيْ الْمُضَارِبِ فِي سَفَرِهِ إذَا بَاعَ مُرَابَحَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ فِي الْقِيمَةِ.
(وَلَوْ شَرَى مُضَارِبٌ بِالنِّصْفِ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ بَزًّا وَبَاعَهُ) أَيْ الْبَزَّ (بِأَلْفَيْنِ وَاشْتَرَى بِهِمَا عَبْدًا فَضَاعَا) أَيْ الْأَلْفَانِ (فِي يَدِهِ) أَيْ الْمُضَارِبِ (قَبْلَ نَقْدِهِمَا) أَيْ أَلْفَيْنِ (يَغْرَمُ الْمُضَارِبُ رُبْعَهُمَا) أَيْ رُبْعَ الْأَلْفَيْنِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ (وَ) يَغْرَمُ (الْمَالِكُ الْبَاقِيَ) وَهُوَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَمَّا صَارَ أَلْفَيْنِ ظَهَرَ الرِّبْحُ فِي الْمَالِ وَهُوَ أَلْفٌ فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَنَصِيبُ الْمُضَارِبِ مِنْهُ خَمْسُمِائَةٍ، فَإِذَا اشْتَرَى بِالْأَلْفَيْنِ عَبْدًا صَارَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، فَرُبْعُهُ لِلْمُضَارِبِ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِلْمَالِكِ، ثُمَّ إذَا ضَاعَ الْأَلْفَانِ قَبْلَ النَّقْدِ كَانَ عَلَيْهِمَا ضَمَانُ ثَمَنِ الْعَبْدِ عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا فِي الْعَبْدِ فَرُبْعُهُ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ عَلَى الْمَالِكِ (وَرُبْعُ الْعَبْدِ لِلْمُضَارِبِ وَبَاقِيهِ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ (لِلْمُضَارَبَةِ) ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمُضَارِبِ خَرَجَ عَنْ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَمَالُ الْمُضَارَبَةِ أَمَانَةٌ وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ وَنَصِيبُ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ لِعَدَمِ مَا يُنَافِيهَا (وَرَأْسُ الْمَالِ) وَهُوَ جَمِيعُ مَا دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ (أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ مَرَّةً أَلْفًا وَأُخْرَى أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ (وَلَا يَبِيعُهُ) أَيْ الْمُضَارِبُ الْعَبْدَ (مُرَابَحَةً إلَّا عَلَى أَلْفَيْنِ) وَلَا يَقُولُ: قَامَ عَلِيٌّ بِأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ إذْ الشِّرَاءُ وَقَعَ بِأَلْفَيْنِ فَلَا تُضَمُّ الْوَضِيعَةُ الَّتِي وَقَعَتْ بِسَبَبِ الْهَلَاكِ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ (فَلَوْ بِيعَ) الْعَبْدُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ ذَلِكَ (بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ فَحِصَّةُ الْمُضَارَبَةِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ) بَعْدَ رَفْعِ الْمُضَارِبِ حِصَّتَهُ وَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute