حِفْظِهِمَا وَحِفْظِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلنِّصْفِ دَلَالَةً، وَالثَّابِتُ بِالدَّلَالَةِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ (فَإِنْ دَفَعَ أَحَدُهُمَا) كُلَّهُ (إلَى الْآخَرِ ضَمِنَ الدَّافِعُ) عِنْدَ الْإِمَامِ، وَكَذَا الْمُرْتَهِنَانِ وَالْوَكِيلَانِ بِالشِّرَاءِ إذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ مَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ فِعْلَ الِاثْنَيْنِ إذَا أُضِيفَ إلَى مَا يَقْبَلُ التَّجَزِّي تَنَاوَلَ الْبَعْضَ لَا الْكُلَّ، فَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا الْكُلَّ إلَى الْآخَرِ، وَلَمْ يَرْضَ الْمَالِكُ بِهِ يَضْمَنُ (لَا) يَضْمَنُ (الْقَابِضُ) ؛ لِأَنَّ مُودَعَ الْمُودَعِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ (وَعِنْدَهُمَا لِكُلِّ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا (حِفْظُ الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ الْوَدِيعَةِ (بِإِذْنِ الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا، فَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُسَلِّمَ الْآخَرَ وَلَا يَضْمَنُهُ.
(وَإِنْ) كَانَ مَا أُودِعَ عِنْدَ الِاثْنَيْنِ (مِمَّا لَا يُقْسَمُ) أَيْ مِمَّا لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ كَالْعَبْدِ أَوْ مِمَّا يَتَعَيَّبُ بِالْقِسْمَةِ كَالثَّوْبِ (حَفِظَهُ) أَيْ مَا لَا يُقْسَمُ (أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ إجْمَاعًا) ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِثُبُوتِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ فِي الْكُلِّ.
(وَإِنْ نَهَى) أَيْ نَهَى الْمَالِكُ الْمُودَعَ (عَنْ دَفْعِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (إلَى عِيَالِهِ فَدَفَعَ) الْمُودَعُ (إلَى مَنْ) نَهَاهُ، وَكَانَ (لَهُ مِنْهُ بُدٌّ) وَعَدَمُ احْتِيَاجٍ إلَيْهِ كَدَفْعِهِ الْخَاتَمَ إلَى عَبْدِهِ مَعَ أَنَّ لَهُ أَهْلًا سِوَاهُ (ضَمِنَ) إنْ هَلَكَ.
(وَإِنْ) دَفَعَهَا (إلَى مَنْ لَا بُدَّ) أَيْ لَا فِرَاقَ (لَهُ مِنْهُ كَدَفْعِ الدَّابَّةِ إلَى عَبْدِهِ، وَ) كَدَفْعِ (شَيْءٍ يَحْفَظُهُ النِّسَاءُ إلَى زَوْجَتِهِ لَا يَضْمَنُ) إنْ هَلَكَ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ مِمَّا يُحْفَظُ بِيَدِهِ أَوْ بِأَيْدِي عِيَالِهِ فِي بَيْتِهِ فَنَهْيُ الْمَالِكِ يُعْتَبَرُ إنْ كَانَ النَّهْيُ مُفِيدًا وَإِلَّا يُعْتَبَرُ الْحِفْظُ الْمَطْلُوبُ كَمَا لَوْ قَالَ: لَا تَدْفَعْ إلَى فُلَانٍ مِنْ عِيَالِك، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِيَالٌ سِوَاهُ لَمْ يَصِحَّ نَهْيُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الدَّفْعِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عِيَالٌ غَيْرُهُ فَدَفَعَهُ إلَى مَنْ نُهِيَ عَنْ دَفْعِهَا إلَيْهِ ضَمِنَ، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَوْ كَانَ الْآخَرُ دُونَ الْأَوَّلِ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا.
(وَإِنْ أَمَرَهُ) أَيْ أَمَرَ الْمَالِكُ الْمُودَعَ (بِحِفْظِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (فِي بَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ دَارِ) الْمُودَعِ (فَحَفِظَهَا فِي غَيْرِهِ) أَيْ حَفِظَ الْمُودَعُ فِي بَيْتٍ آخَرَ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، وَكَانَتْ بُيُوتُ الدَّارِ مُسْتَوِيَةً فِي الْحِفْظِ (لَا يَضْمَنُ) الْمُودَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْحِفْظُ مَعَ مُرَاعَاةِ هَذَا الشَّرْطِ فَلَمْ يَكُنْ مُفِيدًا فَلَا يُعْتَبَرُ الشَّرْطُ (إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ) أَيْ فِي الْبَيْتِ الْآخَرِ (خَلَلٌ ظَاهِرٌ) بِأَنْ كَانَتْ الدَّارُ الَّتِي فِيهَا الْبَيْتَانِ عَظِيمَةً، وَالْبَيْتُ الَّذِي نَهَاهُ عَنْ الْحِفْظِ فِيهِ مَكْشُوفٌ يُتَخَوَّفُ مِنْهُ، فَإِنَّ الشَّرْطَ مُعْتَبَرٌ حِينَئِذٍ فَيَضْمَنُ لِكَوْنِ الْمُعَيَّنِ أَحْرَزَ مِنْ الْآخَرِ.
(وَإِنْ أُمِرَ بِحِفْظِهَا فِي دَارٍ فَحَفِظَ فِي غَيْرِهَا) أَيْ فِي غَيْرِ تِلْكَ الدَّارِ (ضَمِنَ) لِتَفَاوُتِ الدَّارَيْنِ فِي الْأَغْلَبِ فَيُقَيَّدُ بِأَمْرِهِ.
(وَلَوْ أَوْدَعَ الْمُودَعُ) غَيْرَهُ (فَهَلَكَتْ) الْوَدِيعَةُ (ضَمِنَ) الْمُودَعُ (الْأَوَّلُ فَقَطْ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ قَبَضَ الْمَالَ مِنْ يَدِ أَمِينٍ إذْ بِالدَّفْعِ لَا يَكُونُ ضَمِينًا مَا لَمْ يُفَارِقْهُ لِحُضُورِ رَأْيِهِ، فَإِذَا فَارَقَهُ فَقَدْ تَرَكَ الْحِفْظَ اللَّازِمَ بِالْتِزَامٍ فَيَضْمَنُ بِتَرْكِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute