للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْ عَزْمِهِ أَنْ يَلْبَسَهُ نَهَارًا، ثُمَّ سُرِقَ لَيْلًا لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ.

وَفِي الْمِنَحِ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا خَالَفَ فِي الْوَدِيعَةِ، ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ إنَّمَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إذَا صَدَّقَهُ الْمَالِكُ فِي الْعَوْدِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ (بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ) لِلْعَيْنِ إذَا تَعَدَّيَا، ثُمَّ أَزَالَاهُ يَزُولُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُمَا كَانَ لِأَنْفُسِهِمَا لِاسْتِيفَائِهِمَا الْمَنَافِعَ عَنْهَا فَبِإِزَالَةِ التَّعَدِّي عَنْ الْعَيْنِ لَمْ يُوجَدْ الرَّدُّ إلَى صَاحِبِهَا بِخِلَافِ الْمُودَعِ، فَإِنَّ يَدَهُ يَدُ الْمَالِكِ حُكْمًا لِكَوْنِهِ عَامِلًا لَهُ فِي الْحِفْظِ خِلَافًا لِزُفَرَ اعْتِبَارًا الْوَدِيعَةِ.

(وَكَذَا) زَالَ الضَّمَانُ (لَوْ أَوْدَعَهَا) أَيْ الْوَدِيعَةَ (ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا) لِمَا مَرَّ.

(وَإِنْ أَنْفَقَ) الْمُودَعُ (بَعْضَهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (فَهَلَكَ الْبَاقِي ضَمِنَ مَا أَنْفَقَ فَقَطْ) وَلَا يَضْمَنُ كُلَّهَا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ بِقَدْرِ الْخِيَانَةِ، وَقَدْ خَانَ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ وَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ فِي الْإِنْفَاقِ بِيَمِينِهِ.

(وَإِنْ رَدَّ مِثْلَهُ وَخَلَطَهُ بِالْبَاقِي ضَمِنَ الْجَمِيعَ) ؛ لِأَنَّهُ خَلَطَ مَالَ غَيْرِهِ بِمَالِهِ فَيَكُونُ اسْتِهْلَاكًا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ يَعْنِي عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا إنْ شَاءَ شَرَكَهُ، وَإِنْ شَاءَ يَضْمَنُ، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ فَقَطْ، قَيَّدَ بِالْإِنْفَاقِ وَرَدِّ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ لِيُنْفِقَهُ فِي حَاجَتِهِ فَرَدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ، ثُمَّ ضَاعَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ فَلْيُرَاجَعْ.

(وَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (فَرَبِحَ يَتَصَدَّقُ بِهِ) أَيْ بِالرِّبْحِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَطِيبُ لَهُ) الرِّبْحُ إذَا أَدَّى الضَّمَانَ أَوْ سَلَّمَ عَيْنَهَا بِأَنْ بَاعَهَا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَدَفَعَ إلَى مَالِكِهَا وَدَلِيلُ الطَّرَفَيْنِ بُيِّنَ فِي الْبَيْعِ.

(وَإِنْ أَوْدَعَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ شَيْئًا لَا يَدْفَعُ) الْوَاحِدُ (إلَى أَحَدِهِمَا) أَيْ إلَى أَحَدِ الِاثْنَيْنِ (حِصَّتَهُ بِغَيْبَةِ الْآخَرِ) ، فَإِنْ دَفَعَ ضَمِنَ نِصْفَهُ إنْ هَلَكَ عِنْدَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ غَيْرَ مِثْلِيٍّ فِي الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّ هَذَا الدَّفْعَ يُوجِبُ الْقِسْمَةَ، وَالْمُودَعُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ لَا بِالْقِسْمَةِ (خِلَافًا لَهُمَا) فِي الْمِثْلِيِّ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِفْرَازِ فِيهِ غَالِبٌ كَمَا أَنَّ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ غَالِبٌ، وَلِذَا لَا يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ فِيهِ وَيَجُوزُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ حَتَّى لَوْ خَاصَمَهُ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَأْمُرْهُ بِدَفْعِ نَصِيبِهِ إلَيْهِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ لَا يَكُونُ قِسْمَةً اتِّفَاقًا حَتَّى إذَا هَلَكَ الْبَاقِي رَجَعَ صَاحِبُهُ عَلَى الْآخِذِ بِحِصَّتِهِ وَإِلَى أَنَّهُ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهَا إذَا ظَفِرَ بِهَا وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ وَارْتَكَبَ الْمَمْنُوعَ لَا يَضْمَنُ كَمَا فِي الْمِنَحِ.

(وَإِنْ أَوْدَعَ) وَاحِدٌ (عِنْدَ اثْنَيْنِ مَا يُقْسَمُ) أَيْ مَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (اقْتَسَمَاهُ) أَيْ الْمُودَعَانِ (وَحَفِظَ كُلُّ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا (حِصَّتَهُ) ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِاجْتِمَاعُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>