للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهَا قَبْلَ الْجُحُودِ، وَقَالَ: غَلِطْت فِي الْجُحُودِ أَوْ نَسِيت أَوْ ظَنَنْت أَنِّي دَفَعْتهَا، وَأَنَا صَادِقٌ فِي قَوْلِي لَمْ يَسْتَوْدِعْنِي، فَإِنَّ بَيِّنَتَهُ تُقْبَلُ فِي قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ.

وَفِي الْأَقْضِيَةِ لَوْ قَالَ: لَمْ يَسْتَوْدِعْنِي، ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ وَالْهَلَاكَ لَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ، ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ يُصَدَّقُ وَتَمَامُهُ فِيهِ فَلْيُطَالَعْ.

(وَإِنْ خَلَطَهَا) أَيْ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ (بِمَالِهِ) بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ إنْ خَلَطَهَا بِإِذْنِهِ كَانَ شَرِيكًا فِيهَا (بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ، فَإِنْ) خَلَطَهَا (بِجِنْسِهَا) كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ فِي غَيْرِ الْمَائِعِ وَاللَّبَنِ بِاللَّبَنِ فِي الْمَائِعِ (ضَمِنَ) الْمُودَعُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لَهَا، وَإِذَا ضَمِنَهَا مَلَكَهَا (وَانْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْوَدِيعَةِ (فِي الْمَائِعِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ) لَكِنْ قَالُوا: لَا يُبَاحُ لَهُ التَّنَاوُلُ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ قَيَّدَ بِكَوْنِ الْمُودَعِ هُوَ الْخَالِطَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ مَنْ فِي عِيَالِهِ لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْخَالِطِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، وَلَا يَضْمَنُ أَبُوهُ لِأَجْلِهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ (وَعِنْدَهُمَا فِي غَيْرِ الْمَائِعِ لِلْمَالِكِ أَنْ يُشْرِكَهُ إنْ شَاءَ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخَلْطَ اسْتِهْلَاكٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ آخَرَ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ وُصُولُ الْمَالِكِ إلَى عَيْنِ مَالِهِ حُكْمًا بِالْقِسْمَةِ إذْ الْقِسْمَةُ فِيمَا يُكَالُ، أَوْ يُوزَنُ إفْرَازٌ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا، وَلَهُ أَنَّ الْخَلْطَ اسْتِهْلَاكٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِتَعَذُّرِ وُصُولِ الْمَالِكِ إلَى عَيْنِ مَالِهِ حَقِيقَةً فَيَنْقَطِعُ مِلْكُ الْمَالِكِ عَلَى الْمَخْلُوطِ، وَالْقِسْمَةُ لَيْسَتْ بِمُوَصِّلَةٍ إلَى عَيْنِ حَقِّهِ بَلْ وَسِيلَةٌ إلَى الِانْقِطَاعِ ضَرُورَةً.

(وَكَذَا) لِلْمَالِكِ أَنْ يُشْرِكَهُ (فِي الْمَائِعِ) إنْ شَاءَ (عِنْدَ مُحَمَّدٍ) ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ لَا يَغْلِبُ الْجِنْسَ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَصِيرُ الْأَقَلُّ تَابِعًا لِلْأَكْثَرِ فِيهِ) اعْتِبَارًا لِلْغَائِبِ إجْزَاءً.

وَفِي التَّسْهِيلِ اعْتِرَاضٌ فَلْيُطَالَعْ، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فِي الْخَلْطِ بِالْجِنْسِ لَا يَضْمَنُ (وَإِنْ) خَلَطَهَا (بِغَيْرِ جِنْسِهَا كَبُرٍّ بِشَعِيرٍ وَزَيْتٍ بِشَيْرَجٍ ضَمِنَ) الْمُودَعُ (وَانْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ إجْمَاعًا) ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِهْلَاكٌ حَقِيقَةً فَيُوجِبُ الضَّمَانَ بِالْإِجْمَاعِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ خَلَطَ عَلَى وَجْهٍ تَتَمَيَّزُ لَمْ يَضْمَنْ.

(وَإِنْ اخْتَلَطَتْ) الْوَدِيعَةُ بِمَالِ الْمُودَعِ (بِلَا صُنْعِهِ) أَيْ الْمُودَعِ (اشْتَرَكَا) أَيْ الْمُودِعُ وَالْمُودَعُ (إجْمَاعًا) ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بِالتَّعَدِّي، وَلَمْ يُوجَدْ وَكَانَتْ شَرِكَةَ مِلْكٍ فَالْهَالِكُ مِنْ مَالِهِمَا فَلَمْ يَضْمَنْ.

(وَإِنْ تَعَدَّى) الْمُودَعُ (فِيهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (بِأَنْ كَانَتْ) الْوَدِيعَةُ (ثَوْبًا فَلَبِسَهُ أَوْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا أَوْ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ) فَهَلَكَتْ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ مَعْنًى (فَإِنْ أَزَالَ التَّعَدِّيَ) بِأَنْ تَرَكَ اللُّبْسَ أَوْ الرُّكُوبَ أَوْ الِاسْتِخْدَامَ سَلِيمًا (زَالَ الضَّمَانُ) ، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَزُولُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْوَدِيعَةِ ارْتَفَعَ بِالتَّعَدِّي فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ إلَّا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ فَلَمْ يُوجَدْ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، وَلَنَا أَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يَبْطُلُ بِمَا يُنَافِيهِ وَالِاسْتِعْمَالُ لَا يُنَافِي الْإِيدَاعَ، وَلِذَا صَحَّ الْأَمْرُ بِالْحِفْظِ مَعَ الِاسْتِعْمَالِ ابْتِدَاءً، فَإِذَا زَالَ عَادَ حُكْمُ الْعَقْدِ.

وَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يَزُولُ الضَّمَانُ عَنْهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْزِمَ عَلَى الْعَوْدِ إلَى التَّعَدِّي حَتَّى لَوْ نَزَعَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ لَيْلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>