لَا يَجُوزُ التَّرْكُ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (وَلَا يَضْمَنُ) الْمُعِيرُ مَا نَقَصَ مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ (إنْ لَمْ يُوَقِّتْ) الْعَارِيَّةَ إذْ الْمُسْتَعِيرُ بَنَى وَغَرَسَ فِي مَحَلٍّ كَانَ لِغَيْرِهِ حَقُّ الرُّجُوعِ فَاعْتَرَفَ بِنَفْسِهِ اعْتِمَادًا عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْبِقَ مِنْ الْمُعِيرِ وَعْدٌ.
(وَإِنْ وَقَّتَ) الْمُعِيرُ وَقْتًا مُعَيَّنًا (وَرَجَعَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ (كُرِهَ لَهُ) أَيْ لِلْمُعِيرِ (ذَلِكَ) الرُّجُوعُ لِمَا فِيهِ مِنْ خُلْفِ الْوَعْدِ (وَضَمِنَ) الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ (مَا نَقَصَ) مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ (بِالْقَلْعِ) بِأَنْ يَقُومَ قَائِمًا غَيْرَ مَقْلُوعٍ يَعْنِي إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ إلَى وَقْتِ الْمَضْرُوبِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا، وَإِذَا قَلَعَ فِي الْحَالِ يَكُونُ قِيمَةُ النَّقْصِ دِينَارَيْنِ يَرْجِعُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْمُعِيرِ بِثَمَانِيَةِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ غَرَّهُ بِالتَّوْقِيتِ.
وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ التَّوْقِيتَ وَالْإِطْلَاقَ فِيهَا سَوَاءٌ لِبُطْلَانِ التَّأْجِيلِ فِي الْعَوَارِيِّ (وَقِيلَ يَضْمَنُ) الْمُعِيرُ (قِيمَتَهُ) أَيْ قِيمَةَ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ (وَيَتَمَلَّكُهُ) أَيْ الْمُعِيرُ الْبِنَاءَ أَوْ الْغَرْسَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُسْتَعِيرُ أَنْ يَرْفَعَهُمَا، وَلَا يُضَمِّنُهُ قِيمَتَهُمَا فَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ قَالُوا: إذَا كَانَ فِي الْقَلْعِ ضَرَرٌ بِالْأَرْضِ فَالْخِيَارُ إلَى رَبِّ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَعَنْ هَذَا قَالَ (وَلِلْمُسْتَعِيرِ قَلْعُهُ) أَيْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ (بِلَا تَضْمِينٍ إنْ لَمْ تَنْقُصْ الْأَرْضُ بِهِ) أَيْ بِالْقَلْعِ (كَثِيرًا، وَعِنْدَ ذَلِكَ) أَيْ عِنْدَ نُقْصَانِ الْأَرْضِ كَثِيرًا بِالْقَلْعِ (الْخِيَارُ لِلْمَالِكِ) بَيْنَ ضَمَانِ نُقْصَانِهِمَا وَضَمَانِ قِيمَتِهِمَا لَا لِلْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ أَصْلٍ وَالْمُسْتَعِيرُ صَاحِبُ تَبَعٍ وَالتَّرْجِيحُ بِالْأَصْلِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْمُحِيطِ يَضْمَنُ الْمُعِيرُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ قَائِمَةً عَلَى الْأَرْضِ غَيْرَ مَقْلُوعَةٍ مَنْقُوضَةٍ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَعِيرُ قَلَعَ غَرْسَهُ وَبِنَاءَهُ وَلَا يَضْمَنُهُ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ لَا يَقْلَعُ إلَّا بِرِضَى صَاحِبِهَا، وَيَضْمَنُ لَهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا انْتَهَى، وَظَاهِرُهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْقَلْعَ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْأَرْضِ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَعِيرِ بَيْنَ قَلْعِهِ، وَبَيْنَ تَضْمِينِ جَمِيعِ الْقِيمَةِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْكَنْزِ حَيْثُ جَعَلَا لَهُ تَضْمِينَ مَا نَقَصَهُ الْقَلْعُ لَا تَضْمِينَ جَمِيعِ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الْمِنَحِ.
(وَإِنْ أَعَارَهَا) أَيْ الْأَرْضَ (لِلزَّرْعِ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ التَّضْرِيرَ بِالْمُؤَمَّنِ حَرَامٌ (حَتَّى يَحْصُدَ) الزَّرْعَ بَلْ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ كَيْ لَا تَفُوتَ مَنْفَعَةُ أَرْضِهِ مَجَّانًا (وَقَّتَ) الْمُعِيرُ (أَمْ لَا) يُوَقِّتُ؛ لِأَنَّ لِلزَّرْعِ نِهَايَةً مَعْلُومَةً فَكَانَ فِي التَّرْكِ مُرَاعَاةُ الْحَقَّيْنِ، وَأَيْضًا فِي الْقَلْعِ إبْطَالُ مِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ، وَفِي التَّرْكِ تَأْخِيرُ حَقِّ تَصَرُّفِ الْمُعِيرِ فِيهَا، وَالْأَوَّلُ أَشَدُّ ضَرَرًا فَيَصِيرُ إلَى الثَّانِي.
(وَأُجْرَةُ رَدِّ الْمُسْتَعَارِ، وَ) أُجْرَةُ رَدِّ (الْمُسْتَأْجَرِ الْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ وَالْمَغْصُوبِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُؤَجَّرِ وَالْمُودَعِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالْغَاصِبِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute