للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَارِيَةً فَحَبِلَتْ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَأَرَادَ الرُّجُوعَ فِيهَا قَبْلَ انْفِصَالِ الْوَلَدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِزِيَادَةٍ لَمْ تَكُنْ مَوْهُوبَةً تَتَبَّعْ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِالِاتِّصَالِ هُوَ أَنْ يَكُونَ فِي نَفْسِ الْمَوْهُوبِ شَيْءٌ يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ، وَكَالْجَمَالِ وَالْخِيَاطَةِ وَالصِّبْغِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ زَادَ مِنْ حَيْثُ السِّعْرُ فَلَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ لَا زِيَادَةَ لِلْعَيْنِ، وَكَذَا إذَا زَادَ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ فِي الْقِيمَةِ كَمَا إذَا طَالَ الْغُلَامُ الْمَوْهُوبُ؛ لِأَنَّهُ نُقْصَانٌ فِي الْحَقِيقَةِ فَلَا يُمْنَعُ الرُّجُوعُ، وَلَوْ نَقَلَهُ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان حَتَّى ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ وَاحْتَاجَ فِيهِ إلَى مُؤْنَةِ النَّقْلِ عِنْدَهُمَا يَنْقَطِعُ الرُّجُوعُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ وَهَبَ عَبْدًا كَافِرًا فَأَسْلَمَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ وَهَبَ عَبْدًا حَلَالَ الدَّمِ فَعَفَا وَلِيُّ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَرْجِعُ، وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَفَدَاهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَلَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ الْفِدَاءَ، وَلَوْ عَلَّمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعَبْدَ الْقُرْآنَ أَوْ الْكِتَابَةَ أَوْ الصَّنْعَةَ لَمْ يَمْنَعْ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ زِيَادَةً فِي الْعَيْنِ فَأَشْبَهَتْ الزِّيَادَةَ فِي السِّعْرِ، وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ وَرَوَى الْخِلَافَ فِي الْعَكْسِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الزِّيَادَةِ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ لُزُومَ الْعَقْدِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَشَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ عَلَّمَ الْقُرْآنَ أَوْ الْكِتَابَةَ وَالْقِرَاءَةَ، أَوْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً فَعَلَّمَهَا الْكَلَامَ أَوْ شَيْئًا مِنْ الْحُرُوفِ لَا يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ لِحُدُوثِ الزِّيَادَةِ فِي الْعَيْنِ انْتَهَى هَذَا يُخَالِفُ مَا فِي التَّبْيِينِ كَمَا فِي الْمِنَحِ، وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ التَّبْيِينِ أَشَارَ إلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ فَقَالَ: وَيُرْوَى الْخِلَافُ فِي الْعَكْسِ تَدَبَّرْ.

وَلَوْ أَنَّ مَرِيضًا وَهَبَ لِرَجُلٍ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ تُرَدُّ الْهِبَةُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْعُقْرُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ.

(وَالْمِيمُ مَوْتُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ) أَمَّا مَوْتُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلِخُرُوجِ الْمَوْهُوبِ عَنْ مِلْكِهِ وَانْتِقَالِهِ إلَى وَارِثِهِ، وَأَمَّا مَوْتُ الْوَاهِبِ فَلِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ مِنْهُ، وَالْوَارِثُ لَيْسَ بِوَاهِبٍ وَالنَّصُّ فِي حَقِّ الْوَاهِبِ هَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَتْ لِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَرُجُوعُ الْمُسْتَأْمَنِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُبْطِلٌ لَهَا كَالْمَوْتِ، فَإِنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ أَذِنَ لِلْمُسْلِمِ فِي قَبْضِهِ وَقَبَضَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ جَازَ اسْتِحْسَانًا.

(وَالْعَيْنُ الْعِوَضُ الْمُضَافُ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الْهِبَةِ (إذَا قَبَضَ) الْوَاهِبُ الْعِوَضَ وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: (نَحْوُ خُذْ هَذَا عِوَضًا عَنْ هِبَتِك أَوْ بَدَلًا عَنْهَا) أَيْ عَنْ هِبَتِك (أَوْ) خُذْهُ (فِي مُقَابَلَتِهَا) أَيْ مُقَابَلَةِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي كَوْنِهِ عِوَضًا أَنْ يَذْكُرَ لَفْظًا يَعْلَمُ الْوَاهِبُ أَنَّهُ عِوَضٌ.

(وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (كَانَ) التَّعْوِيضُ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ جَازَ الْعِوَضُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَسَقَطَ حَقُّ الْوَاهِبِ فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ إذَا قَبَضَ الْعِوَضَ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ لِإِسْقَاطِ الْحَقِّ فَيَصِحُّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَبَدَلِ الْخُلْعِ، وَلَوْ كَانَ التَّعْوِيضُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُعَوِّضِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَوْ كَانَ شَرِيكَهُ سَوَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>