كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ التَّعْوِيضَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ لِإِنْسَانٍ إلَّا إذَا قَالَ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ (فَلَوْ لَمْ يُضِفْ) أَيْ لَمْ يَقُلْ الْمَوْهُوبُ لَهُ: خُذْ عِوَضَ هِبَتِك يَكُونُ فِعْلُهُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لَا تَعْوِيضًا فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقَبْضِ (فَلِكُلِّ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا (أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَ) .
وَفِي الْمَبْسُوطِ هَذَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْهِبَةُ شَيْئًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ حَتَّى يَتَحَقَّقَ فِيهَا الرِّبَا، وَإِنَّمَا هِيَ لِقَطْعِ الرُّجُوعِ.
(وَالْخَاءُ الْخُرُوجُ) أَيْ خُرُوجُ الْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ (عَنْ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ) بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، فَإِنْ تَبَدَّلَ الْمِلْكُ كَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ فَلَوْ ضَحَّى الشَّاةَ الْمَوْهُوبَةَ أَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهَا، وَصَارَتْ لَحْمًا لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ.
(وَالزَّايُ الزَّوْجِيَّةُ) أَيْ الزَّوْجِيَّةُ مَانِعَةٌ مِنْ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا الصِّلَةُ أَيْ الْإِحْسَانُ كَمَا فِي الْقَرَابَةِ (وَقْتَ الْهِبَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ لَوْ وَهَبَ، ثُمَّ نَكَحَ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً وَقْتَ الْهِبَةِ (لَا) يَرْجِعُ (لَوْ وَهَبَ، ثُمَّ أَبَانَ) لِوُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ الْمَانِعَةِ وَقْتَ الْهِبَةِ.
(وَالْقَافُ الْقَرَابَةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا صِلَةُ الرَّحِمِ، وَقَدْ حَصَلَ وَفِي الرُّجُوعِ قَطِيعَةُ الرَّحِمِ فَلَا يَرْجِعُ سَوَاءٌ كَانَ الْقَرِيبُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، ثُمَّ فَسَّرَ الْقَرَابَةَ بِقَوْلِهِ: (فَلَا رُجُوعَ فِيمَا وَهَبَ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ) مِنْ الْوَاهِبِ، وَإِنْ وَهَبَ لِمَحْرَمٍ بِلَا رَحِمٍ كَأَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبِ وَأَزْوَاجِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَقَيَّدَ بِالْمَحْرَمِ؛ لِأَنَّ الرَّحِمَ بِلَا مَحْرَمٍ كَابْنِ عَمِّهِ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَلَوْ وَهَبَ لِعَبْدِ أَخِيهِ أَوْ لِأَخِيهِ، وَهُوَ عَبْدٌ لِأَجْنَبِيٍّ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا لَا يَرْجِعُ فِي الْأُولَى، وَيَرْجِعُ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ كَانَا أَيْ الْعَبْدُ وَمَوْلَاهُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَاهِبِ فَلَا رُجُوعَ فِيهَا أَيْ فِي الْهِبَةِ لِلْوَاهِبِ اتِّفَاقًا عَلَى الْأَصَحِّ.
(وَالْهَاءُ هَلَاكُ الْمَوْهُوبِ) ، فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الرُّجُوعِ لِتَعَذُّرِهِ بَعْدَ الْهَلَاكِ إذْ هُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ (وَالْقَوْلُ فِيهِ) أَيْ فِي الْهَلَاكِ (قَوْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِوُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الْمُودَعَ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: هَلَكَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ الْوَاهِبُ: هِيَ هَذِهِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ هَذِهِ كَمَا يَحْلِفُ الْوَاهِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute