للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْقَبُولُ بِلَفْظَيْنِ مَاضِيَيْنِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَعَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِكَذَا، أَوْ وَهَبْتُك مَنَافِعَهَا.

وَتَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي كَالْبَيْعِ، وَشَرْطُهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ الْأُجْرَةِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَتَيْنِ، وَحُكْمَا وُقُوعِ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلَيْنِ سَاعَةً فَسَاعَةً كَمَا مَرَّ.

وَفِي الْمِنَحِ: وَلَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ بِالتَّعَاطِي؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ قَدْ يَجْعَلُونَ لِكُلِّ سَنَةٍ دَانِقًا وَقَدْ يَجْعَلُونَ فُلُوسًا وَفِي غَيْرِ الطَّوِيلَةِ الْإِجَارَةُ تَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قُلْت: مُفَادُ كَلَامِهِ أَنَّ الْأُجْرَةَ إذَا كَانَتْ مَعْلُومَةً فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ تَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي انْتَهَى.

(وَمَا صَلَحَ ثَمَنًا) فِي الْبَيْعِ (صَلَحَ أُجْرَةً) فِي الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ بِثَمَنِ الْمَنْفَعَةِ فَيُعْتَبَرُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَمُرَادُهُ مِنْ الثَّمَنِ مَا كَانَ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ فَدَخَلَ فِيهِ الْأَعْيَانُ، فَإِنَّ الْعَيْنَ يَصْلُحُ بَدَلًا فِي الْمُقَايَضَةِ فَتَصْلُحُ أُجْرَةً وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَرَاهِمَ انْصَرَفَتْ إلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ مُخْتَلِفَةً فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ مَا لَمْ يُبَيِّنْ نَقْدًا مِنْهَا، فَإِنْ بَيَّنَ جَازَ وَإِلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا فَالشَّرْطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ قَوْلُهُ وَمَا صَلَحَ ثَمَنًا صَلَحَ أُجْرَةً لَا يُنَافِي الْعَكْسَ حَتَّى صَلَحَ أُجْرَةً مَا لَا يَصْلُحُ ثَمَنًا كَالْمَنْفَعَةِ، فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ ثَمَنًا وَتَصْلُحُ أُجْرَةً إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ كَاسْتِئْجَارِ سُكْنَى الدَّارِ بِزِرَاعَةِ الْأَرْضِ، وَإِنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا لَا.

(وَتَفْسُدُ) الْإِجَارَةُ (بِالشُّرُوطِ) كَالْبَيْعِ (وَيَثْبُتُ فِيهَا) أَيْ فِي الْإِجَارَةِ (خِيَارُ الشَّرْطِ) كَمَا يَثْبُتُ فِي الْبَيْعِ.

(وَ) خِيَارُ (الرُّؤْيَةِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِيهِمَا.

(وَ) خِيَارُ (الْعَيْبِ) سَوَاءٌ كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ (وَتُقَالُ) الْإِجَارَةُ (وَتُفْسَخُ) كَمَا فِي الْبَيْعِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَمَّا ذَكَرَ فِي التَّعْرِيفِ مَعْلُومِيَّةَ الْمَنْفَعَةِ احْتَاجَ إلَى مَا بِهِ تَكُونُ مَعْلُومَةً فَقَالَ (وَالْمَنْفَعَةُ تُعْلَمُ تَارَةً بِبَيَانِ الْمُدَّةِ كَالسُّكْنَى) أَيْ كَإِجَارَةِ الدَّارِ لِلسُّكْنَى (وَالزِّرَاعَةِ) أَيْ كَأُجْرَةِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ (فَتَصِحُّ) إجَارَتُهَا (مُدَّةً مَعْلُومَةً أَيَّ مُدَّةً كَانَتْ) ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا كَانَتْ مَعْلُومَةً كَانَ قَدْرُ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا مَعْلُومًا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ لَا تَتَفَاوَتُ فَأَفَادَ أَنَّهَا تَجُوزُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ لَا يَعِيشُ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ إلَى مِثْلِهَا عَادَةً وَاخْتَارَهُ الْخَصَّافُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلَّفْظِ، وَإِنَّهُ يَقْتَضِي التَّوْقِيفَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَى مِائَةِ سَنَةٍ، فَإِنَّهُ تَوْقِيتٌ فَيَكُونُ مُتْعَةً وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُتَيَقَّنِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ فَصَارَتْ الْإِجَارَةُ مُؤَبَّدَةً مَعْنًى، وَالتَّأْبِيدُ يُبْطِلُهَا فَأَفَادَ أَنَّهَا تَجُوزُ مُضَافَةً كَمَا لَوْ قَالَ: آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ غَدًا وَلِلْمُؤَجِّرِ بَيْعُهَا الْيَوْمَ وَتَنْتَقِضُ الْإِجَارَةُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ إلَى الْغَدِ، ثُمَّ بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَبِيعَ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ.

وَفِي رِوَايَةٍ جَازَ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ، وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ فَلْيُطَالَعْ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لَا تَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ.

(وَفِي الْوَقْفِ يَتْبَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>