عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَقْدِ يَظْهَرُ عِنْدَ وُجُودِ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ مَعْدُومَةٌ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلِذَا يُقَامُ الْعَيْنُ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ فِي حَقِّ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمَنْفَعَةِ كَمَا يُقَامُ السَّفَرُ مَقَامَ الْمَشَقَّةِ فَتَجِبُ الْأُجْرَةُ مُؤَجَّلًا مُوَقَّتًا عَلَى تَحَقُّقِ أَحَدِ الْأُمُورِ الْآتِي ذِكْرُهَا.
وَعَنْ هَذَا وَقَالَ (بَلْ) تُسْتَحَقُّ (بِالتَّعْجِيلِ) هُوَ (أَوْ بِشَرْطِهِ) أَيْ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ بِنَفْسِ الْعِتْقِ لِتَحَقُّقِ الْمُسَاوَاةِ، فَإِذَا عَجَّلَ أَوْ شَرَطَ التَّعْجِيلَ فَقَدْ أَبْطَلَ الْمُسَاوَاةَ الَّتِي هِيَ حَقُّهُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ، فَإِنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ لِامْتِنَاعِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ مِنْ التَّبَدُّلِ لِلتَّصْرِيحِ بِالْإِضَافَةِ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَالْمُضَافُ إلَى وَقْتٍ لَا يَكُونُ مَوْجُودًا قَبْلَهُ وَلَا يَتَغَيَّرُ هَذَا الْمَعْنَى (أَوْ بِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) لِتَحَقُّقِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا إذْ الْعَقْدُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ (أَوْ التَّمَكُّنِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ اسْتِيفَاءِ النَّفْعِ إقَامَةً لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الشَّيْءِ مَقَامَ ذَلِكَ الشَّيْءِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً فَأَمَّا إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً لَا يَجِبُ شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ التَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ إلَّا بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ.
(فَتَجِبُ) الْأُجْرَةُ (لَوْ قَبَضَ) الْمُسْتَأْجِرُ (الدَّارَ وَلَمْ يَسْكُنْهَا) أَيْ الدَّارَ (حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ) ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ نَفْسِ الْمَنْفَعَةِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ أُقِيمَ تَسْلِيمُ مَحَلِّهَا مَقَامَهَا إذْ التَّمَكُّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ يَثْبُتُ بِهِ.
وَفِي النَّوَازِلِ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى مَكَّةَ فَلَمْ يَرْكَبْهَا إنْ كَانَ بِغَيْرِ عِلَّةٍ فِي الدَّابَّةِ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ، وَإِنْ كَانَ لِعِلَّةٍ فِيهَا فَلَا أَجْرَ.
(وَتَسْقُطُ) الْأُجْرَةُ (بِالْغَصْبِ) إلَّا إذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ مِنْ الدَّارِ بِشَفَاعَةٍ وَحِمَايَةٍ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ (بِقَدْرِ فَوْتِ التَّمَكُّنِ) يَعْنِي إذَا غَصَبَ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ غَاصِبٌ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ غَصَبَ فِي بَعْضِهَا سَقَطَتْ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ إلَى أَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ بِالْغَصْبِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ خِلَافًا لِقَاضِي خَانْ، فَإِنَّهُ قَالَ لَا تَنْفَسِخُ، وَإِطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِلْعَقَارِ وَغَيْرِهِ وَمُرَادُهُ مِنْ الْغَصْبِ هَهُنَا الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْعَيْنِ لَا حَقِيقَتُهُ إذْ الْغَصْبُ لَا يَجْرِي فِي الْعَقَارِ عِنْدَنَا قَالَ صَاحِبُ الْمِنَحِ: وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُؤَجِّرُ الْغَصْبَ، وَأَعَادَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى دَعْوَاهُ بِحُكْمِ الْحَالِ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ السَّاكِنَ فِي الدَّارِ حَالَ الْمُنَازَعَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا غَيْرُ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ كَمَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ وَفِي تَنْوِيرِهِ، وَلَوْ سَلَّمَهُ أَيْ سَلَّمَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجِرَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقْتٌ يَرْغَبُ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا وَقْتٌ كَذَلِكَ أَيْ يَرْغَبُ فِيهَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ دُونَ وَقْتٍ كَمَا فِي بُيُوتِ مَكَّةَ وَمِنًى خُيِّرَ فِي قَبْضِ الْبَاقِي
وَفِي السِّرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهَا إذَا سَكَنَ دَارًا مُعَدَّةً لِلْغَلَّةِ أَوْ زَرَعَ أَرْضًا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ مِنْ غَيْرِ إجَارَةٍ تَجِبُ الْأُجْرَةُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَفِي الْقُنْيَةِ تَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي الْمِصْرِ مَعَ التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute