للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدَّارِ تَسْلِيمٌ لِلدَّارِ حَتَّى تَجِبَ الْأُجْرَةُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي السَّوَادِ لَيْسَ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ، وَإِنْ حَضَرَ الْمِصْرَ وَالْمِفْتَاحُ فِي يَدِهِ.

(وَلِرَبِّ الدَّارِ وَالْأَرْضِ طَلَبُ الْأَجْرِ لِكُلِّ يَوْمٍ وَلِرَبِّ الدَّابَّةِ لِكُلِّ مَرْحَلَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ يَنْعَقِدُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ تَسْلِيمُهُ، وَلَوْ خُطْوَةً أَوْ سَكَنَ سَاعَةً إلَّا أَنَّا جَوَّزْنَا اسْتِحْسَانًا وَقَدَّرْنَا بِيَوْمٍ وَمَرْحَلَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يُفْضِي إلَى الْحَرَجِ إلَّا إذَا بَيَّنَ زَمَانَ الطَّلَبِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَيُوقَفُ الْمُؤَجَّرُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لِكَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ التَّأْجِيلِ.

وَقَالَ زُفَرُ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَانْتِهَاءِ السَّفَرِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَوَّلًا.

(وَلِلْقَصَّارِ وَالْخَيَّاطِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عَمَلِهِ) إذْ قَبْلَهُ لَا يَنْتَفِعُ بِالْبَعْضِ فَلَا اسْتِحْقَاقَ لِلْأَجْرِ.

(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ) عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّجْرِيدِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ وَقَاضِي خَانْ والتمرتاشي وَالْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ إذَا خَاطَ الْبَعْضُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ يَجِبُ الْأَجْرُ لَهُ بِحِسَابِهِ كَمَا إذَا سُرِقَ الثَّوْبُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِحِسَابِهِ وَاسْتَشْهَدَ فِي الْأَصْلِ بِمَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا فَبَنَى بَعْضَهُ، ثُمَّ انْهَدَمَ فَلَهُ أَجْرُ مَا بَنَى.

وَفِي التَّنْوِيرِ ثَوْبٌ خَاطَهُ الْخَيَّاطُ بِأَجْرٍ فَفَتَقَهُ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ رَبُّ الثَّوْبِ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ الْخَيَّاطُ هُوَ الْفَاتِقَ لِلثَّوْبِ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ كَأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ.

(وَلِلْخَبَّازِ) طَلَبُ الْأَجْرِ (بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُبْزِ) مِنْ التَّنُّورِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الْعَمَلِ بِالْإِخْرَاجِ وَفِي إطْلَاقِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِإِخْرَاجِ الْبَعْضِ بِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ صَارَ مُسَلَّمًا إلَى صَاحِبِ الدَّقِيقِ (فَإِنْ احْتَرَقَ) الْخُبْزُ (قَبْلَ الْإِخْرَاجِ) مِنْ التَّنُّورِ (سَقَطَ الْأَجْرُ) سَوَاءٌ كَانَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ فِي بَيْتِ الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهُ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ هَذَا جِنَايَةُ يَدِهِ بِتَقْصِيرِهِ فِي الْقَلْعِ مِنْ التَّنُّورِ، فَإِنْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَخْبُوزًا أَعْطَاهُ الْأَجْرَ، وَإِنْ ضَمَّنَهُ دَقِيقًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجْرٌ كَمَا فِي الْغَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْوِقَايَةِ، فَإِنْ احْتَرَقَ بَعْدَمَا أَخْرَجَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ، وَقَبْلَهُ لَا وَلَا غُرْمَ فِيهِمَا.

وَقَوْلُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ أَيْ فِي الِاحْتِرَاقِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ وَبَعْدَ الْإِخْرَاجِ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِلْمَنْقُولِ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْفُحُولِ كَمَا فِي الدُّرَرِ لَكِنْ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامِ صَاحِبِ الْوِقَايَةِ وَصَاحِبِ الْغَايَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِاحْتِرَاقِ فِي الْوِقَايَةِ مَا لَا يَكُونُ بِصُنْعِهِ، وَفِي الْغَايَةِ مَا يَكُونُ بِصُنْعِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي الْفَصْلَيْنِ عَلَى الْخَبَّازِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ غَيْرُ وَاقِعَةٍ مِنْهُ فِيهِمَا هَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ كَمَا قِيلَ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْجِنَايَةُ فَصَاحِبُ الْوِقَايَةِ اخْتَارَ مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَلَيْسَ بِسَدِيدٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ، ثُمَّ احْتَرَقَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَقَطْ لَا فِيمَا إذَا احْتَرَقَ قَبْلَهُ تَتَبَّعْ.

وَعَنْ هَذَا قَالَ: (وَإِنْ) احْتَرَقَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>