للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّصْفِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً مَا دَامَ يَرْعَى مِنْهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ، وَقَدْ وُجِدَ وَلَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يَنْزُوَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا؛ لِأَنَّ الْإِنْزَاءَ حَمْلٌ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا، فَإِنْ فَعَلَ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ الْفَحْلُ نَزَا عَلَيْهَا فَعَطِبَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

وَفِي الْعِمَادِيَّةِ ثُمَّ الرَّاعِي إذَا كَانَ أَجِيرَ وَحْدٍ فَمَاتَتْ مِنْ الْأَغْنَامِ وَاحِدَةٌ حَتَّى لَا يَضْمَنَ لَا يَنْقُصُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهَا؛ لِأَنَّ الْغَنَمَ لَوْ مَاتَتْ كُلُّهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ الْأَجْرِ شَيْءٌ انْتَهَى، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْجَوْهَرَةِ مَا دَامَ يَرْعَى مِنْهَا شَيْئًا كَمَا لَا يَخْفَى (وَلَا يَضْمَنُ) الْأَجِيرُ الْخَاصُّ (مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ) بِأَنْ يُسْرَقَ مِنْهُ أَوْ غَابَ أَوْ غُصِبَ (أَوْ بِعَمَلِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَبَّلُ الْأَعْمَالَ الْكَثِيرَةَ مِنْ النَّاسِ فَلَا يُوجَدُ الْعَجْزُ وَالتَّقْصِيرُ فِي الْحِفْظِ بِخِلَافِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ الْمَأْذُونِ كَانْكِسَارِ الْقَدُومِ أَوْ تَخَرُّقِ الثَّوْبِ عِنْدَ الْعَمَلِ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْفَسَادَ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَبَّلُ الْأَعْمَالَ الْكَثِيرَةَ مِنْ الْخَلْقِ طَمَعًا فِي الْأَجْرِ فَيَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ عِنْدَهُمَا اسْتِحْسَانًا لِصِيَانَةِ أَمْوَالِ النَّاسِ كَمَا مَرَّ.

وَفِي الْمِنَحِ الرَّاعِي إذَا خَلَطَ الْغَنَمَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى التَّمْيِيزِ لَا يَضْمَنُ، وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي تَعْيِينِ الدَّوَابِّ أَنَّهَا لِفُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ خَلْطًا لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ يَكُونُ ضَامِنًا قِيمَتَهَا.

وَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ قَوْلُ الرَّاعِي، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأَغْنَامِ يَوْمَ الْخَلْطِ، فَإِنْ دَفَعَ غَنَمَ رَجُلٍ إلَى غَيْرِ صَاحِبِهَا فَاسْتَهْلَكَهَا الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ، وَأَقَرَّ الرَّاعِي بِذَلِكَ ضَمِنَ الرَّاعِي، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الرَّاعِي عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ إنْ كَانَ الرَّاعِي أَقَرَّ وَقْتَ الدَّفْعِ أَنَّهَا لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ.

وَلَوْ نَدَّتْ بَقَرَةٌ مِنْ الْبَاقُورَةِ فَخَافَ الْبَقَّارُ أَنَّهُ لَوْ تَبِعَهَا يَضِيعُ الْبَاقِي كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَنْ لَا يَتْبَعَهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ إنْ كَانَ الرَّاعِي خَاصًّا، وَإِنْ مُشْتَرَكًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ.

وَفِي التَّنْوِيرِ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا فَضَّلَ عَنْ الطَّرِيقِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُهُ بَعْدَ الطَّلَبِ لَا يَضْمَنُ.

وَفِي الْجَوَاهِرِ: بَقَّارٌ تَرَكَ الْبُقُورَ مَعَ صَبِيٍّ لِحِفْظِهِنَّ فَهَلَكَتْ بَقَرَةٌ وَقْتَ السَّقْيِ بِآفَةٍ، فَإِنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ قُدْرَةُ الْحِفْظِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا يَضْمَنُ، وَلَوْ جَاءَ الْبَقَّارُ لَيْلًا وَزَعَمَ أَنَّهُ رَدَّ الْبَقَرَةَ وَأَدْخَلَهَا الْقَرْيَةَ فَطَلَبَهَا صَاحِبُهَا وَلَمْ يَجِدْهَا ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدَ أَيَّامٍ فِي قُرَى الْجَبَّانَةِ قَدْ عَطِبَتْ قَالُوا: إنْ كَانَ الْعُرْفُ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ الْبَقَّارَ يُدْخِلُ الْبُقُورَ فِي الْقَرْيَةِ وَلَمْ يَطْلُبُوا مِنْهُ أَنْ يُدْخِلَ كُلَّ بَقَرَةٍ فِي مَنْزِلِ صَاحِبِهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَقَّارِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ أَدْخَلَ الْبَقَرَةَ فِي الْقَرْيَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

(وَصَحَّ تَرْدِيدُ الْأَجِيرِ) أَيْ جَعْلُهُ مُتَرَدِّدًا (بَيْنَ نَفْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَأَيُّهُمَا وُجِدَ لَزِمَ مَا سَمَّى لَهُ نَحْوُ) لَوْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ: (إنْ خِطْتَهُ فَارِسِيًّا فَبِدِرْهَمٍ أَوْ رُومِيًّا فَبِدِرْهَمَيْنِ) فَأَيَّ عَمَلٍ مِنْ هَذَيْنِ الْعَمَلَيْنِ عَمِلَ يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى هَذَا عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ عَقْدَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَالْأَجْرُ قَدْ يَجِبُ بِالْعَمَلِ، وَعِنْدَ الْعَمَلِ يَرْتَفِعُ الْجَهْلُ.

وَعِنْدَ زُفَرَ، وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>