الْمُسْتَأْجِرِ وَأَفْلَسَ (أَوْ آجَرَ شَيْئًا فَلَزِمَهُ) أَيْ الْمُؤَجِّرَ (دَيْنٌ لَا يَجِدُ قَضَاءَهُ) أَيْ قَضَاءَ دَيْنِهِ (إلَّا مِنْ ثَمَنِ مَا آجَرَهُ) مِنْ دَارٍ أَوْ دُكَّانٍ (وَلَوْ) وَصَلْيَةٌ (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِ الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ الْعَقْدُ يَلْزَمُهُ الْحَبْسُ لِأَجْلِهِ حَيْثُ لَا يُقَدِّرُ مَالًا سِوَاهُ وَهُوَ ضَرَرٌ زَائِدٌ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ بِالْعَقْدِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ لَا تُفْسَخُ.
(أَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فِي الْمِصْرِ أَوْ مُطْلَقًا) أَيْ بِلَا تَقْيِيدٍ بِالْمِصْرِ (فَسَافَرَ) الْمُسْتَأْجِرُ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَثْبُتُ حَقُّ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ خِدْمَةَ السَّفَرِ أَشَقُّ فَلَا يَنْتَظِمُهَا الْخِدْمَةُ الْمُطْلَقَةُ فَضْلًا عَنْ الْمُقَيَّدَةِ بِالْمِصْرِ، وَفِي مَنْعِ الْمُسْتَأْجِرِ عَنْ السَّفَرِ ضَرَرٌ لَمْ يُسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ اكْتَفَى بِقَوْلِهِ مُطْلَقًا لَكَانَ أَخْصَرَ وَشَمَلَ لِلْمِصْرِ وَغَيْرِهِ تَدَبَّرْ (أَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِلسَّفَرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ مِنْهُ) أَيْ ظَهَرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَا يُوجِبُ الْمَنْعَ مِنْ السَّفَرِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ قَصْدِهِ سَفَرَ الْحَجِّ فَذَهَبَ وَقْتُهُ أَوْ طَلَبَ غَرِيمٍ لَهُ فَحَضَرَ أَوْ التِّجَارَةَ فَافْتَقَرَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَضَى عَلَى مُوجِبِ الْعَقْدِ لَزِمَهُ ضَرَرٌ زَائِدٌ.
(وَلَوْ بَدَا لِلْمُكَارِي مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَا يُوجِبُ الْمَنْعَ مِنْ السَّفَرِ (فَلَيْسَ بِعُذْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ضَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْقِدَ وَيَبْعَثَ تِلْمِيذًا أَوْ أَجِيرًا.
(وَلَوْ مَرِضَ) الْمُكَارِي (فَهُوَ عُذْرٌ فِي رِوَايَةِ الْكَرْخِيِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرَى عَنْ ضَرَرٍ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُشْفِقُ عَلَى دَابَّتِهِ مِثْلَهُ وَهُوَ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَمْرَضْ (دُونَ رِوَايَةِ الْأَصْلِ) لِمَا ذَكَرْنَا.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ الْفَتْوَى عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَلِهَذَا اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ فَقَدَّمَهَا.
(وَلَوْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطٌ يَعْمَلُ لِنَفْسِهِ) لَا لِغَيْرِهِ (عَبْدًا يَخِيطُ لَهُ) أَيْ لِلْخَيَّاطِ (فَأَفْلَسَ) الْخَيَّاطُ (فَهُوَ عُذْرٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الضَّرَرُ عَلَى مُوجِبِ الْعَقْدِ لِفَوَاتِ مَقْصُودِهِ وَهُوَ رَأْسُ مَالِهِ (بِخِلَافِ خَيَّاطٍ يَخِيطُ بِالْأَجْرِ) ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ رَأْسَ مَالِهِ الْخَيْطُ، وَالْمِخْيَطُ، وَالْمِقْرَاضُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِفْلَاسُ فِيهِ (وَبِخِلَافِ تَرْكِهِ) أَيْ الْخَيَّاطِ (الْخِيَاطَةَ لِيَعْمَلَ فِي الصَّرْفِ) حَيْثُ لَا يَكُونُ عُذْرًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْقِدَ الْغُلَامَ لِلْخِيَاطَةِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الدُّكَّانِ وَهُوَ يَعْمَلُ فِي الصَّرْفِ فِي نَاحِيَةٍ (وَبِخِلَافِ بَيْعِ مَا آجَرَهُ) ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِعُذْرٍ لِلْفَسْخِ بِدُونِ لُحُوقِ دَيْنٍ لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْعَيْنُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي كَمَا يَسْتَوْفِيهَا وَالْعَيْنُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ.
وَقَالَ أَبُو الْمَكَارِمِ: وَهَلْ يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute