الْبَيْعُ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ فِي الْكِفَايَةِ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْبَيْعَ مَوْقُوفٌ عَلَى سُقُوطِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَدْرِ الشَّهِيدِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ هُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ.
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ عُذْرٌ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ فِيهِ تَنْتَقِضُ، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي.
وَفِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْأَمْرَ يُرْفَعُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْسَخَ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ: هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْعُذْرُ ظَاهِرًا انْفَسَخَتْ وَإِلَّا يَفْسَخُهَا الْحَاكِمُ قَالَ قَاضِي خَانْ وَالْمَحْبُوبِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دُكَّانًا لِيَعْمَلَ الْخِيَاطَةَ فَتَرَكَهُ) أَيْ عَمَلَ الْخِيَاطَةِ (لِعَمَلٍ آخَرَ فَعُذْرٌ) تَفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُمْكِنُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعَمَلَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْخَيَّاطُ عَبْدًا لِيَخِيطَهُ فَتَرَكَ الْخِيَاطَةَ لِعَمَلِ الصَّرْفِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ ثَمَّةَ شَخْصَانِ فَأَمْكَنَهُمَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْفَرَائِدِ: وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ الْآخَرَ فِيهِ مَكَانَ عَمَلِ الْخِيَاطَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعَمَلَيْنِ انْتَهَى لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي تُعْمَلُ فِيهِ الْخِيَاطَةُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ عَمَلٌ آخَرُ فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ عَادَةً فَيَلْزَمُ الْعُذْرُ.
(وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ عَقَارًا ثُمَّ أَرَادَ السَّفَرَ) فَهُوَ عُذْرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْعِ عَنْ السَّفَرِ، وَفِيهِ ضَرَرُ تَعْطِيلِ مَصَالِحِ السَّفَرِ أَوْ إلْزَامُ الْأَجْرِ بِدُونِ الِانْتِفَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا آجَرَ عَقَارًا ثُمَّ سَافَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ إذَا الْمُسْتَأْجِرُ يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمُؤَجِّرِ.
(وَتَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بِلَا حَاجَةٍ إلَى الْفَسْخِ (بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ) أَيْ أَحَدٍ مِنْ الْآجِرِ، وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ: لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا بِمَوْتِهِمَا كَالْبَيْعِ وَلَنَا أَنَّ الْمَنَافِعَ، وَالْإِجَارَاتِ صَارَتْ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ، وَالْعَقْدُ السَّابِقُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ فَيَنْتَقِضُ (عَقْدُهَا لِنَفْسِهِ) فَالْجُمْلَةُ حَالٌ عَنْ أَحَدٍ أَيْ حَالُ كَوْنِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ قَدْ عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ، أَوْ صِفَةٌ لِعَدَمِ تَعَرُّفِهِ بِالْإِضَافَةِ عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي
؛ لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ فَاللَّامُ الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ وَمَا أُضِيفَ إلَيْهِ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ (فَإِنْ عَقَدَهَا) أَيْ الْإِجَارَةَ (لِغَيْرِهِ فَلَا) تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِمَوْتِهِ (كَالْوَكِيلِ) يَعْقِدُهَا لِمُوَكِّلِهِ (وَالْوَصِيِّ) ، وَكَذَا الْأَبُ، وَالْقَاضِي يَعْقِدُهَا لِمَحْجُورِهِ (وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ) يَعْقِدُهَا لِلْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ