للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرِّضَى لِامْتِنَاعِهِ قَبْلَ الْإِكْرَاهِ (وَ) الرَّابِعُ (كَوْنُ الْمُكْرَهِ بِهِ مُتْلِفًا نَفْسًا أَوْ عُضْوًا) مِنْ الْأَعْضَاءِ (أَوْ مُوجِبًا عَمَّا يُعْدِمُ الرِّضَى) ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ شَرِيفًا يَغْتَمُّ بِكَلَامٍ خَشِنٍ فَيُعَدُّ مِثْلُ هَذَا فِي حَقِّهِ إكْرَاهًا إذْ هُوَ أَشَدُّ لَهُ مِنْ أَلَمِ الضَّرْبِ وَمَنْ كَانَ رَذِيلًا فَلَا يَغْتَمُّ إلَّا بِضَرْبٍ مُؤْلِمٍ أَوْ بِحَبْسٍ شَدِيدٍ فَلَا يُعَدُّ الضَّرْبُ مَرَّةً بِسَوْطٍ وَلَا الْحَبْسُ سَاعَةً بَلْ يَوْمًا فِي حَقِّهِ إكْرَاهًا لِكَوْنِ الْأَشْخَاصِ مُتَفَاوِتِينَ وَلِذَا قَيَّدَ مَا يُوجِبُ الْغَمَّ بِإِعْدَامِ الرِّضَى.

وَفِي الْمِنَحِ الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ لَا يُعْدِمُ الِاخْتِيَارَ شَرْعًا كَالْعِنِّينِ إذَا أَكْرَهَهُ الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَدْيُونَ إذَا أَكْرَهَهُ الْقَاضِي عَلَى بَيْعِ مَالِهِ نَفَذَ بَيْعُهُ وَالذِّمِّيَّ إذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ فَأُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ نَفَذَ بَيْعُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى الْبَيْعِ بِغَيْرِ حَقٍّ (فَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ) مَالِهِ (أَوْ شِرَاءِ) سِلْعَةٍ (أَوْ إجَارَةِ) دَارٍ (أَوْ إقْرَارٍ) أَيْ عَلَى أَنْ يُقِرَّ لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ (بِقَتْلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأُكْرِهَ بِأَنْ قَالَ افْعَلْهُ وَإِلَّا أَقْتُلْك (أَوْ) أُكْرِهَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِنَحْوِ (ضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ حَبْسٍ مَدِيدٍ) أَوْ قَيْدٍ مُؤَبَّدٍ (خُيِّرَ) الْمُكْرَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ عَنْهُ (بَيْنَ الْفَسْخِ) أَيْ فَسْخِ الْعَقْدِ الصَّادِرِ وَيَرْجِعُ عَنْ الْإِقْرَارِ لِانْعِدَامِ الشَّرْطِ وَهُوَ الرِّضَى بِالْإِكْرَاهِ سَوَاءٌ كَانَ الْإِكْرَاهُ مُلْجِئًا أَوْ غَيْرُ مُلْجِئٍ (وَالْإِمْضَاءِ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَالْإِقْرَارَ يُثْبِتُ الْمِلْكَ وَلَوْ بِإِكْرَاهٍ وَيَمْنَعُ النَّفَاذَ الَّذِي لَا يَكُونُ فِيهِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ لِلْعَاقِدِ لِأَنَّ هَذَا النَّفَاذَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعَقْدِ بِالطَّوْعِ.

(وَيَمْلِكُهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (الْمُشْتَرِي مِلْكًا فَاسِدًا إنْ قَبَضَهُ) أَيْ إذَا بَاعَ مُكْرَهًا ثَبَتَ فِيهِ الْمِلْكُ إنْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ زُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَثْبُتُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَوْقُوفٌ وَالْمَوْقُوفُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ وَلَنَا أَنَّهُ فَاتَ شَرْطُهُ وَهُوَ الرِّضَى بَعْدَ وُجُودِ الرُّكْنِ فَصَارَ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ جَعَلُوا بَيْعَ الْوَفَاءِ كَبَيْعِ الْمُكْرَهِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْت هَذَا الْعَيْنَ مِنْك بِدَيْنٍ لَك عَلَيَّ عَلَى أَنِّي مَتَى قَضَيْت دَيْنِي فَهُوَ لِي وَبَعْضُهُمْ جَعَلُوهُ رَهْنًا لَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَأَيُّ شَيْءٍ أَكَلَ مِنْ زَوَائِدِهِ يَضْمَنُ وَيَسْتَرِدُّهُ عِنْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْبَائِعُ لَا يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ وَسَقَطَ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ وَبَعْضُهُمْ جَعَلُوهُ بَيْعًا جَائِزًا مُفِيدًا لِبَعْضِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِهِ دُونَ الْبَعْضِ وَهُوَ الْبَيْعُ.

وَفِي النِّهَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَبَعْضُهُمْ جَعَلُوهُ بَيْعًا بَاطِلًا.

وَفِي الْكَافِي وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ الْجَارِيَ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ رَهْنًا ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ ذَكَرَا شَرْطَ الْفَسْخِ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ فَسَدَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا أَوْ تَلَفَّظَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ أَوْ تَلَفَّظَا بِالْبَيْعِ الْجَائِزِ وَالْحَالُ أَنَّ عِنْدَهُمَا أَيْ فِي زَعْمِهِمَا هَذَا الْبَيْعُ عِبَارَةٌ عَنْ بَيْعٍ غَيْرِ لَازِمٍ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ حِينَئِذٍ عَمَلًا بِزَعْمِهِمَا وَإِنْ ذَكَرَا الْبَيْعَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَذَكَرَا الشَّرْطَ عَلَى الْوَجْهِ الْمِيعَادِ جَازَ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِالْمِيعَادِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ أَعْتَقَ) الْمُشْتَرِي (صَحَّ إعْتَاقُهُ) لِكَوْنِهِ مَلَكَهُ وَكَذَا تَصَرُّفُهُ فِيهِ تَصَرُّفًا

<<  <  ج: ص:  >  >>