الْهُدَى وَمَصَابِيحَ الدُّجَى وَابْتَلَى بَعْضَهُمْ بِالرَّدَى كَالْجُنُونِ وَالْعَتَهِ وَالصِّغَرِ وَجَعَلَ تَصَرُّفَ الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ غَيْرَ نَافِذٍ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِمَا كَيْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِمْ الضَّرَرُ بِاحْتِيَالِ بَعْضِ مَنْ يُعَامِلُهَا وَجَعَلَ الصِّبَا وَالْجُنُونَ سَبَبًا لِلْحَجْرِ عَلَيْهِمَا كُلُّ ذَلِكَ رَحْمَةٌ مِنْهُ وَلُطْفًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ بِلَا إذْنِ وَلِيٍّ أَوْ سَيِّدٍ) لِمَا قَرَّرَنَا قُبَيْلَهُ
هَذَا لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ فَلَوْ قَالَ وَسَيِّدٍ بِالْوَاوِ لَكَانَ أَوْلَى.
(وَلَا) يَصِحُّ (تَصَرُّفُ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ بِحَالٍ) وَلَوْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ لِعَدَمِ عَقْلِهِ قَيَّدَ بِالْمَغْلُوبِ أَيْ الْمُسْتَغْرِقِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يُجَنُّ تَارَةً وَيُفِيقُ أُخْرَى فَهُوَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَالْعَاقِلِ (وَمَنْ عَقَدَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَحْجُورِينَ (وَهُوَ يَعْقِلُهُ) أَيْ يَعْقِلُ الْعَقْدَ (فَوَلِيُّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُجِيزَهُ) أَيْ الْعَقْدَ (أَوْ يَفْسَخَهُ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي عَقْدِهِ مَصْلَحَةٌ فَيُجِيزُهُ الْوَلِيُّ أَوْ الْمَوْلَى إنْ رَأَى فِيهِ ذَلِكَ كَعَقْدِ الْأَجْنَبِيِّ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا تَصِحُّ إجَازَتُهُ (وَمَنْ أَتْلَفَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْمَحْجُورِينَ (شَيْئًا فَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ أَتْلَفَ (ضَمَانُهُ) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَحْجُورِينَ عَلَيْهِمْ فِي الْأَفْعَالِ.
(وَلَا يَصِحُّ طَلَاقُ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ) وَلَوْ قَالَ وَالْمَجْنُونِ بِالْوَاوِ لَكَانَ أَوْلَى (وَلَا) يَصِحُّ (إعْتَاقُهُمَا) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ» وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِأَقْوَالِهِمَا حُكْمٌ وَكَذَلِكَ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُمَا وَلَا إعْتَاقُهُمَا (وَلَا إقْرَارُهُمَا) لِنُقْصَانِ عَقْلِهِمَا أَوْ عَدَمِهِ.
(وَصَحَّ طَلَاقُ الْعَبْدِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ إلَّا الطَّلَاقَ» .
(وَ) صَحَّ (إقْرَارُهُ) أَيْ إقْرَارُ الْعَبْدِ (فِي حَقِّ نَفْسِهِ) لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا وَأَهْلًا (لَا فِي حَقِّ سَيِّدِهِ) لِعَدَمِ وِلَايَةِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ أَقَرَّ) أَيْ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ (بِمَالٍ لَزِمَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ الْمَوْلَى لِمَا أَنَّهُ وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكُ الْمَوْلَى فَإِذَا أَعْتَقَ زَالَ الْمَانِعُ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْمَوْلَى وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ أَنَّ صَبِيًّا سَفِيهًا مَحْجُورًا اسْتَقْرَضَ مَالًا فَيُعْطِي صَدَاقَ الْمَرْأَةِ صَحَّ اسْتِقْرَاضُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ الْمَرْأَةَ وَصَرَفَ الْمَالَ فِي بَعْضِ حَوَائِجِهِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ أَهْلُ الِالْتِزَامِ.
(وَإِنْ) أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ (بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّهُ مُبْقٍ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ وَالْآدَمِيَّةِ فِي إيجَابِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَفِي حَقِّ الدَّمِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ فِي الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ.
(وَلَا يُحْجَرُ عَلَى السَّفِيهِ) أَيْ لَا يُحْجَرُ حُرٌّ عَاقِلٌ بَالِغٌ عَنْ التَّصَرُّفِ بِسَبَبِ سَفَهٍ هُوَ إتْلَافُ مَالٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ لِخِفَّةِ عَقْلِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ بِسَبَبِ السَّفَهِ وَالدَّيْنِ وَالْغَفْلَةِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (كَانَ مُبَذِّرًا) لِأَنَّهُ