للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهَا احْتِيَاطًا وَكَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يَسُوقَ الْبَدَنَةَ تَحَرُّزًا عَنْ مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْقِرَانِ

وَإِنْ جَنَى فِي إحْرَامِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ جِنَايَةً تَجُوزُ فِيهَا الصَّوْمُ كَقَتْلِ الصَّيْدِ وَالْحَلْقِ عَنْ أَذًى وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ بَلْ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ وَإِنْ كَانَتْ جِنَايَةً لَا يَجْرِي فِيهِ الصَّوْمُ كَالْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَالتَّطَيُّبِ وَتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ التَّكْفِيرِ فِي الْحَالِ بَلْ يُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَصِيرَ مُصْلِحًا بِمَنْزِلَةِ الْفَقِيرِ الَّذِي لَا يَجِدُ مَالًا وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ وَكَذَا لَوْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ تَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ إلَى أَنْ يَصِيرَ مُصْلِحًا (وَتُدْفَعُ نَفَقَتُهُ) أَيْ نَفَقَةُ السَّفِيهِ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (إلَى ثِقَةٍ) مِنْ الْحُجَّاجِ (يُنْفِقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السَّفِيهِ (فِي الطَّرِيقِ) بِالْمَعْرُوفِ (لَا) تُدْفَعُ (إلَيْهِ) كَيْ لَا يُبَذِّرَ وَلَا يُسْرِفَ.

(وَتَصِحُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ السَّفِيهِ (الْوَصِيَّةُ بِالْقُرَبِ) جَمْعُ قُرْبَةٍ (وَأَبْوَابُ الْخَيْرِ) مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ

وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ لَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا ذَلِكَ إذَا كَانَتْ مِثْلَ وَصَايَا النَّاسِ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ يَتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَيْهَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَفِي إشَارَةٍ إلَى أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِمَا يَسْتَقْبِحُهُ الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَنْفُذُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(وَيُحْجَرُ عَلَى الْمُفْتِي الْمَاجِنِ) هُوَ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْحِيَلَ الْبَاطِلَةَ بِأَنْ عَلَّمَ الْمَرْأَةَ الِارْتِدَادَ لِتَبِينَ مِنْ زَوْجِهَا وَبِأَنْ عَلَّمَ الرَّجُلَ أَنْ يَرْتَدَّ لِتَسْقُطَ عَنْهُ الزَّكَاةُ ثُمَّ يُسْلِمُ وَلَا يُبَالِي أَنْ يُحَرِّمَ حَلَالًا وَيُحِلَّ حَرَامًا (وَالطَّبِيبِ الْجَاهِلِ) وَهُوَ الَّذِي يَسْقِي النَّاسَ فِي أَمْرَاضِهِمْ دَوَاءً مُخَالِفًا لِعَدَمِ عِلْمِهِ فَيُفْسِدُ أَبْدَانَ الْمُسْلِمِينَ (وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسِ) ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْكِرَاءَ أَوَّلًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ الْجِمَالَ وَالظَّهْرَ وَيَدْفَعَ إلَى بَعْضِ دُيُونِهِ فَيَعُوقَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ نَحْوِ الْحَجِّ وَالْغَزْوِ (اتِّفَاقًا) قَيْدٌ لِلثَّلَاثَةِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ مَنْعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا دَفْعُ ضَرَرِ الْعَامَّةِ إذْ الْمُفْتِي الْمَاجِنُ يُفْسِدُ عَلَى النَّاسِ دِينَهُمْ وَالطَّبِيبُ الْجَاهِلُ يُهْلِكُ أَبْدَانَهُمْ وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسُ يُتْلِفُ أَمْوَالَهُمْ فَيُحْجَرُ هَؤُلَاءِ عَنْ عَمَلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ عَنْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ أَمْرٍ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ (وَلَا يُحْجَرُ عَلَى فَاسِقٍ) سَوَاءٌ كَانَ أَصْلِيًّا أَوْ طَارِئًا (وَمُغَفَّلٍ إذَا كَانَ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (مُصْلِحًا لِمَالِهِ) ؛ لِأَنَّ حَجْرَ السَّفِيهِ عِنْدَهُمَا كَانَ لِلنَّظَرِ لَهُ صِيَانَةً وَالْفَاسِقُ يُصْلِحُ مَالَهُ فَيَدْخُلُ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] لِأَنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ الدَّفْعَ بِعِلْمِ رُشْدٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي الْإِثْبَاتِ فَيَكُونُ أَقَلُّهُ كَافِيًا فَالْمُرَادُ هُوَ الرُّشْدُ فِي الْمَالِ لَا فِي الدِّينِ بِكَسْرِ الدَّالِ وَإِلَّا يَلْزَمْ الرُّشْدُ وَلَوْ كَانَ الْفِسْقُ مُوجِبًا لِلْحَجْرِ لَكَانَ حَجْرُ الْكَافِرِ أَوْلَى بِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ أَحَدٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُمْنَعُ زَجْرًا لَهُ وَعُقُوبَةً عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ وَلِذَا لَا يَكُونُ الْفَاسِقُ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ وَالشَّهَادَةِ عِنْدَهُ.

وَفِي الْمَنْحِ وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا حَجَرَ عَلَى مُفْسِدٍ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَطْلَقَهُ وَرَفَعَ عَنْهُ الْحَجْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>