للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ عِنْدَهُمَا لَكِنْ ضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِلْغُرَمَاءِ (أَوْ يُقْرِضَ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْرِضَ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً (أَوْ يَهَبَ وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (بِعِوَضٍ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ التَّبَرُّعَاتِ (أَوْ يُهْدِيَ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الْإِهْدَاءُ (إلَّا) إهْدَاءُ الشَّيْءِ (الْيَسِيرِ مِنْ الطَّعَامِ) كَالرَّغِيفِ وَنَحْوِهِ لِاسْتِجْلَابِ الْقُلُوبِ لَا الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (وَالْمَحْجُورُ لَا يُهْدِي الْيَسِيرَ أَيْضًا) لِعَدَمِ الْإِذْنِ (وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا دَفَعَ الْمَوْلَى إلَى) الْعَبْدِ (الْمَحْجُورِ قُوتَ يَوْمِهِ فَدَعَا بَعْضَ رُفَقَائِهِ) عَلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ (لِلْأَكْلِ مَعَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ) لِعَدَمِ ظُهُورِ الضَّرَرِ عَلَى الْمَوْلَى (بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ (قُوتَ شَهْرٍ) لِمَا فِي أَكْلِهِمْ حِينَئِذٍ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِلْمَوْلَى (قَالُوا وَلَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَصَدَّقَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا بِالْيَسِيرِ كَالرَّغِيفِ وَنَحْوِهِ) بِدُونِ اسْتِطْلَاعِ رَأْيِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْنُوعَةٍ مِنْ قِبَلِهِ عَادَةً وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ فَيَكُونُ ذِكْرُهَا لِمُنَاسِبَةٍ هِيَ كَوْنُهَا مَأْذُونَةً عَادَةً وَفِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكَانِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ مَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ مِنْ اتِّخَاذِ الضِّيَافَةِ الْيَسِيرَةِ وَالصَّدَقَةِ.

(وَمَا لَزِمَ الْمَأْذُونُ مِنْ الدَّيْنِ بِسَبَبِ تِجَارَةٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا) أَيْ فِي حُكْمِ التِّجَارَةِ (كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ) نَظِيرٌ لِلتِّجَارَةِ قِيلَ صُورَةُ وُجُوبِ الدَّيْنِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَنْ يَبِيعَ وَيَسْتَحِقَّ الْمَبِيعَ وَيَهْلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ (وَإِجَارَةٍ وَاسْتِئْجَارٍ وَغَصْبٍ وَجَحْدِ أَمَانَةٍ وَعُقْرِ أَمَةٍ شَرَاهَا فَوَطِئَهَا فَاسْتُحِقَّتْ) نَظِيرٌ لِمَا هُوَ فِي مَعْنَى التِّجَارَةِ قِيلَ صُورَةُ وُجُوبِ الدَّيْنِ بِالْإِجَارَةِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَأْذُونُ الْأُجْرَةَ مُعَجَّلًا ثُمَّ يَهْلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ يُسْتَحَقَّ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ (يَتَعَلَّقُ) ذَلِكَ الدَّيْنُ (بِرَقَبَتِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ مَوْلَاهُ بَعْدَ الدَّيْنِ كَانَ بَاطِلًا فَقِيلَ مَعْنَاهُ سَيَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْغُرَمَاءِ وَقِيلَ إنَّهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ يَصِحُّ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ فَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (فَيُبَاعُ) فِيهِ أَيْ يَبِيعُ الْقَاضِي الْمَأْذُونَ مَرَّةً فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ بِطَلَبِ الْغُرَمَاءِ بِحَضْرَةِ مَوْلَاهُ أَوْ نَائِبِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ مَوْلَاهُ (إنْ لَمْ يَفْدِهِ) أَيْ الدَّيْنِ (الْمَوْلَى) .

وَقَالَ زُفَرُ يَتَعَلَّقُ بِالْكَسْبِ لَا بِالرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي التِّجَارَةِ لَا فِي التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّ غَرَضَ الْمَوْلَى مِنْ إذْنِهِ تَحْصِيلُ مَالٍ لَمْ يَكُنْ لَا تَفْوِيتُ مَالٍ قَدْ كَانَ بِخِلَافِ دَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِيهِ لِجِنَايَةٍ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْإِذْنِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَعَنْ أَحْمَدَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ مَوْلَاهُ وَلَنَا أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْمَوْلَى بِسَبَبِ الْإِذْنِ وَكُلُّ دَيْنٍ يَظْهَرُ فِي حَقِّهِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَحَلٍّ يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَأَقْرَبُ الْمَحَالِّ إلَيْهِ نَفْسُهُ فَصَارَ كَدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ وَالْجَامِعُ دَفْعُ ضَرَرِ النَّاسِ (وَيَقْسِمُ) الْقَاضِي (ثَمَنَهُ) أَيْ ثَمَنَ الْعَبْدِ (وَمَا فِي يَدِهِ) أَيْ يَدِ الْمَأْذُونِ (مِنْ كَسْبِهِ) بَيْنَ الْغُرَمَاءِ (بِالْحِصَصِ) أَيْ بِمِقْدَارِ نَصِيبِ دَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ دُيُونَهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ فَيَتَحَاصَصُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>