فِي الِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْبَدَلِ كَمَا فِي التَّرِكَةِ (سَوَاءٌ) كَانَ (كَسْبُهُ) أَيْ كَسْبُ الْمَأْذُونِ مَا فِي يَدِهِ (قَبْلَ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ اتَّهَبَهُ) وَحَاصِلُهُ سَوَاءٌ كَانَ كَسْبُهُ قَبْلَ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ بِالْمُبَايَعَةِ أَوْ بِقَبُولِ الْهِبَةِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمَأْذُونِ فِي بَيْعِ كَسْبِهِ؛ لِأَنَّهُ الْخَصْمُ فِيهِ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ وَلَا حُضُورُ مَوْلَاهُ (وَمَا بَقِيَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَهُ مَا اقْتَسَمَ الْغُرَمَاءُ ثَمَنَهُ (يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ) وَلَا يُطَالَبُ بِهِ لِلْحَالِ إذْ لَهُمْ الْخِيَارُ فِي الْقَلِيلِ الْعَاجِلِ بِالْبَيْعِ وَالْكَثِيرِ الْآجِلِ بِالسِّعَايَةِ لَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلَا فِي الطَّلَبِ مِنْ الْمَوْلَى لِانْقِطَاعِ تَعَلُّقِهِ بِهِ (وَمَا أَخَذَهُ سَيِّدُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ كَسْبِهِ (قَبْلَ) ظُهُورِ (الدَّيْنِ لَا يُسْتَرَدُّ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ حِينَ كَانَ فَارِغًا عَنْ حَاجَةِ الْعَبْدِ فَخَلَصَ لَهُ بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَوْلَى (أَخْذُ غَلَّةِ) أَيْ أُجْرَةِ (مِثْلِهِ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ) يَعْنِي لَوْ كَانَ الْمَوْلَى يَأْخُذُ مِنْ الْعَبْدِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا قَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ يَكُونُ لَهُ أَخْذُ غَلَّةٍ بَعْدَ وُجُودِ الدَّيْنِ مِثْلُ مَا أَخَذَهُ قَبْلَ الدَّيْنِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَأْخُذَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَوْلَى فِي الْكَسْبِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ فِي أَخْذِهِ الْغَلَّةَ مَنْفَعَةٌ لِلْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ لِأَجْلِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَيَنْسَدُّ عَلَيْهِمْ بَابُ الِاكْتِسَابِ (وَالزَّائِدُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى غَلَّةِ مِثْلِهِ (لِلْغُرَمَاءِ) لِعَدَمِ ضَرُورَةٍ فِيهِ وَتَقَدُّمِ حَقِّهِمْ.
(وَيَنْحَجِرُ الْمَأْذُونُ) غَيْرُ الْمُدَبَّرِ (إنْ أَبَقَ) لِأَنَّ الْإِبَاقَ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْإِذْنِ عِنْدَنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَكَذَا يَمْنَعُ بَقَاءَهُ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ كَالْبَيْعِ وَعِنْدَ زُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَبْقَى مَأْذُونًا؛ لِأَنَّ الْإِبَاقَ لَا يُنَافِي ابْتِدَاءَ الْإِذْنِ فَلَا يُنَافِي دَوَامَهُ وَهَلْ يَعُودُ الْإِذْنُ إنْ عَادَ مِنْ الْإِبَاقِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَوْ أَذِنَ الْآبِقُ لَمْ يَصِحَّ الْإِذْنُ لَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ صَحَّ إذْنُهُ كَإِذْنِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ إذْنُهُ بِهِ وَفَصَّلَ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ إنْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ أَوْ كَانَ لِلْمَالِكِ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ فَقَدْ صَحَّ الْإِذْنُ وَإِلَّا فَلَا (أَوْ مَاتَ سَيِّدُهُ أَوْ جُنَّ مُطْبَقًا أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ) حَالَ كَوْنِهِ (مُرْتَدًّا) عَلِمَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَمَّا الْمَوْتُ فَلِأَنَّهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ وَأَمَّا الْجُنُونُ فَلِأَنَّهُ يُزِيلُ الْأَهْلِيَّةَ وَأَمَّا اللَّحَاقُ فَلِأَنَّهُ مَوْتٌ حُكْمًا (أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ يَصِيرُ مَحْجُورًا إنْ حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ حَجَرْتُك عَنْ التَّصَرُّفِ أَوْ بِإِيصَالِ خَبَرِ الْحَجْرِ إلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْذُونُ حَجْرَ نَفْسِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الضَّرَرِ هُوَ قَضَاءُ الدَّيْنِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ (وَعَلِمَ بِهِ أَكْثَرُ أَهْلُ سُوقِهِ) أَيْ سُوقِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ قَائِمٌ مَقَامَ الْكُلِّ هَذَا إذَا كَانَ الْإِذْنُ شَائِعًا أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ إلَّا الْعَبْدُ فَيَكْفِي عِلْمُهُ حَجْرَهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ حَجْرُهُ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute