للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلُنَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ احْتِرَازٌ عَنْ أَخْذِهِ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ بِإِذْنِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَقَوْلُنَا لَا بِخِفْيَةٍ احْتِرَازٌ عَنْ السَّرِقَةِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ (فَاسْتِخْدَامُ الْعَبْدِ) أَيْ عَبْدِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَحَمْلُ الدَّابَّةِ) أَيْ دَابَّةِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (غَصْبٌ) لِوُجُودِ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ وَإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ فِيهِمَا (لَا الْجُلُوسُ عَلَى الْبِسَاطِ) ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ عَلَيْهِ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ فِيهِ إذْ الْبَسْطُ فِعْلُ الْمَالِكِ وَقَدْ بَقِيَ أَثَرُ فِعْلِهِ فِي الِاسْتِعْمَالِ فَلَمْ يَكُنْ آخِذًا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ الْجُلُوسُ أَيْضًا غَصْبٌ (وَحُكْمُهُ) أَيْ الْغَصْبِ (الْإِثْمُ إنْ عَلِمَ) أَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ غَصْبٌ وَأَقْدَمَ عَلَيْهِ أَمَّا إنْ ظَنَّ أَنَّهُ مَالُهُ فَالضَّمَانُ وَلَا إثْمَ إذْ الْخَطَأُ مَرْفُوعٌ (وَوُجُوبُ رَدِّ عَيْنِهِ) أَيْ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ (فِي مَكَانِ غَصْبِهِ) أَيْ غَصْبِ الْغَاصِبِ إيَّاهَا لِاخْتِلَافِ الْقِيَمِ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ (إنْ كَانَتْ) الْعَيْنُ (بَاقِيَةً) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُرَدَّ» أَيْ يَجِبُ عَلَى الْيَدِ الْغَاصِبِ رَدُّ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُرَدَّ فَإِذَا رُدَّتْ سَقَطَ وُجُوبُ الرَّدِّ (وَالضَّمَانُ لَوْ هَلَكَتْ) أَيْ الْعَيْنُ سَوَاءٌ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَسَوَاءٌ هَلَكَ أَوْ أَهْلَكَ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِهِ وَقَصْدِهِ (فَفِي الْمُثْلَى) وَهُوَ مَا يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ فِي الْأَسْوَاقِ بِلَا تَفَاوُتٍ مُتَعَدٍّ بِهِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ يَشْكُلُ بِنَحْوِ التُّرَابِ وَالصَّابُونِ فَإِنَّهُ قِيَمِيٌّ (كَالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ) أَيْ مَا لَا يَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فِي الْقِيمَةِ (يَجِبُ مِثْلُهُ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَاجِبَ ضَمَانُ جَبْرٍ وَالْجَبْرُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِإِيجَابِ الْمِثْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] وَرَدُّ الْعَيْنِ هُوَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ؛ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ وَأَكْمَلُ وَرَدُّ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ مَخْلَصٌ يُصَارُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْقِيمَةِ وَلِهَذَا يُطَالَبُ بِرَدِّ الْعَيْنِ قَبْلَ الْهَلَاكِ وَلَوْ أَتَى بِالْقِيمَةِ وَالْمِثْلِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِكَوْنِهِ قَاصِرًا.

وَكَذَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِرَدِّ الْعَيْنِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ بِأَنْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ بِجِهَةٍ أُخْرَى كَمَا إذَا وَهَبَهُ لَهُ أَوْ أَطْعَمَهُ إيَّاهُ فَأَكَلَهُ وَالْمَالِكُ لَا يَدْرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>