أَنَّهُ مِلْكُهُ وَفِي الْإِطْعَامِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ (فَإِنْ انْقَطَعَ الْمِثْلُ) عَنْ أَيْدِي النَّاسِ (تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ) وَالْقَضَاءُ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمِثْلَ نَوْعَانِ كَامِلٌ وَهُوَ الْمِثْلُ صُورَةً وَمَعْنًى فَصَارَ أَصْلًا فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ وَقَاصِرٌ وَهُوَ الْمِثْلُ مَعْنًى هُوَ الْقِيمَةُ وَضَمَانُ الْقَاصِرِ لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا مَعَ احْتِمَالِ الْأَصْلِ لِكَوْنِهِ خَلَفًا عَنْهُ وَلَا يَنْقَطِعُ الِاحْتِمَالُ بِالِانْقِطَاعِ وَلَكِنْ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَضَاءِ وَلِذَا لَوْ صَبَرَ الْمَالِكُ إلَى مَجِيءٍ أَوْ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْمِثْلِ الْكَامِلِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ نَقْلًا عَنْ التُّحْفَةِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَوْمَ الْغَصْبِ) ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ هُوَ الْغَصْبُ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَهُ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ كَمَا قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ الْآنَ كَاَلَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَبِهِ أَفْتَى كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا ضَبْطَ لَهُ.
(وَفِي الْقِيَمِيِّ كَالْعَدَدِيِّ الْمُتَفَاوِتِ) كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ.
(وَ) الْمُثْلَى الْمَخْلُوطِ بِخِلَافِ جِنْسِهِ نَحْوُ الْبُرِّ (الْمَخْلُوطِ بِالشَّعِيرِ) وَالْمَوْزُونِ الَّذِي فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ كَالْأَوَانِي الْمَصُوغَةِ بِحَيْثُ تُخْرِجُهُ الصَّنْعَةُ عَنْ الْمِثْلِيَّةِ بِجَعْلِهِ نَادِرًا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَصْلِهِ كَالْقُمْقُمِ وَالْقِدْرِ وَالْإِبْرِيقِ (تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ إجْمَاعًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ لَمَّا تَعَذَّرَ اعْتِبَارُهَا لِتَفَاوُتِهَا اُعْتُبِرَ الْمَعْنَى وَهُوَ الْقِيمَةُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَقَالَ مَالِكٌ يَضْمَنُ مِثْلَهُ صُورَةً.
وَفِي الْمِنَحِ كُلُّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ مُشْرِفٍ عَلَى الْهَلَاكِ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَسَفِينَةٍ مَوْقُورَةٍ أُخِذَتْ فِي الْغَرَقِ وَأَلْقَى الْمَلَّاحُ مَا فِيهَا مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فِي الْمَاءِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا سَاعَتَئِذٍ.
وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ صَبَّ مَاءً فِي طَعَامٍ فَأَفْسَدَهُ وَزَادَ فِي كَيْلِهِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الْحِنْطَةِ قَبْلَ أَنْ يَصُبَّ الْمَاءَ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ طَعَامًا مِثْلَهُ هَذَا إذَا لَمْ يَنْقُلْهُ إلَى مَكَان فَإِنْ نَقَلَهُ يَضْمَنُ الْمِثْلَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَصْبٌ وَهُوَ مِثْلِيٌّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمِثْلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْحِنْطَةُ بِغَيْرِ نَقْلٍ.
(فَإِنْ ادَّعَى) الْغَاصِبُ (الْهَلَاكَ) أَيْ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ (حُبِسَ) ذَلِكَ الْغَاصِبُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمَالِكُ بِالْقِيمَةِ فَإِنَّهُ مُقِرٌّ بِالْغَصْبِ فَإِذَا أَنْكَرَ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ فِي حَقِّ الْحَبْسِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (حَتَّى يَعْلَمَ) وَيَظُنَّ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ مَوْكُولَةٍ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي (أَنَّهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (لَوْ كَانَ بَاقِيًا لَأَظْهَرَهُ ثُمَّ يَقْضِي) أَيْ يَقْضِي الْحَاكِمُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ (بِالْبَدَلِ) أَيْ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ أَيْ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِ وَبِالْقِيمَةِ فِي الْقِيَمِيِّ وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ الْهَلَاكَ عِنْدَ صَاحِبِهِ بَعْدَ الرَّدِّ وَادَّعَى الْمَالِكُ الْهَلَاكَ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَأَقَامَا الْبُرْهَانَ فَبُرْهَانُ الْغَاصِبِ أَوْلَى هَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ أَوْلَى وَفِي الْمِنَحِ الْغَاصِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute