فَقَطْ فَإِنَّ مِلْكَ مَالِكِهَا لَمْ يَزُلْ بِالذَّبْحِ الْمُجَرَّدِ إذَا لَمْ يَزُلْ اسْمُهَا بِهِ حَيْثُ يُقَالُ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ لَكِنْ أَوْرَدَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ شَاةٌ مَشْوِيَّةٌ مَعَ أَنَّهَا تَخْلُفُ الْمَذْبُوحَةَ فِي الْحُكْمِ (وَأَعْظَمُ مَنَافِعِهِ) أَيْ أَكْثَرُ مَقَاصِدِهِ احْتِرَازٌ عَنْ دَرَاهِمَ فَسَبَكَهَا بِلَا ضَرْبٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ زَالَ اسْمُهُ لَكِنْ يَبْقَى أَعْظَمُ مَنَافِعِهِ وَلِذَا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ فَلَمْ يَكُنْ زَوَالُ الِاسْمِ مُغْنِيًا عَنْ اسْمِ الْمَنَافِعِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ فَعَلَى هَذَا أَنَّ مَا قَالَ صَاحِبُ الدُّرَرِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَأَعْظَمُ مَنَافِعِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَهُ قَصَدَ تَنَاوُلَهُ الْحِنْطَةَ إذَا غَصَبَهَا وَطَحَنَهَا فَإِنَّ الْمَقَاصِدَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِعَيْنِ الْحِنْطَةِ كَجَعْلِهَا هَرِيسَةً وَنَحْوَهَا يَزُولُ بِالطَّحْنِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَ زَالَ اسْمُهُ مُغْنٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَيْسَ بِسَدِيدٍ بَلْ هُوَ عَدَمُ اطِّلَاعٍ عَلَى مَا قَرَّرْنَا نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ تَدَبَّرْ (ضَمِنَهُ) أَيْ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ (وَمَلَكَهُ) بِتَقَرُّرِ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ الْغَصْبُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ فَلَوْ أَبَى الْمَالِكُ عَنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَأَرَادَ أَخْذَ الْمُغَيَّرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي النِّهَايَةِ لَكِنْ حَكَى عَنْ الْإِمَامِ مُفْتِي الثَّقَلَيْنِ أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَمَشَايِخِنَا عَلَى قَضِيَّةِ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا عِنْدَ تَرَاضِي الْخَصْمَيْنِ بِالضَّمَانِ أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي بِهِ أَوْ أَدَاءِ الْبَدَلِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَخْذَ الْعَيْنِ لَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ عِنْدَهُ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَضْمَنُهُ.
(وَلَا يَحِلُّ انْتِفَاعُهُ) أَيْ انْتِفَاعُ الْغَاصِبِ (بِهِ) أَيْ بِالْمَغْصُوبِ الْمُغَيَّرِ (قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ) اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ الْحِلُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ وَقَوْلُ الْحَسَنِ قَوْلُ زُفَرَ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ثَبَتَ بِكَسْبِهِ وَالْمِلْكُ مُبِيحٌ لِلتَّصَرُّفِ وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهُ أَوْ بَاعَهُ صَحَّ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ فِي إبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَتْحًا لِبَابِ الْغَصْبِ فَيَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ لَكِنْ جَازَ لِلْغَاصِبِ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ بِجِهَةٍ مَحْظُورَةٍ كَالْمَقْبُوضِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ (كَشَاةٍ ذَبَحَهَا وَطَحَنَهَا أَوْ شَوَاهَا أَوْ قَطَّعَهَا وَبُرٍّ طَحَنَهُ أَوْ زَرَعَهُ وَدَقِيقٍ خَبَزَهُ وَعِنَبٍ أَوْ زَيْتُونٍ عَصَرَهُ) قَيْدٌ لِلْعِنَبِ وَالزَّيْتُونِ (وَقُطْنٍ غَزَلَهُ وَغَزْلٍ نَسَجَهُ وَحَدِيدٍ جَعَلَهُ سَيْفًا وَصُفْرٍ جَعَلَهُ آنِيَةً وَسَاجَةٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute