بِالْجِيمِ وَهُوَ مُفْرَدُ سَاجٍ وَهُوَ شَجَرٌ عَظِيمٌ صُلْبٌ قَوِيٌّ يَنْبُتُ بِبِلَادِ الْهِنْدِ وَهِيَ مِنْ أَعَزِّ الْأَشْجَارِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي بِنَاءِ الدُّورِ وَأَبْوَابِهَا وَأَسَاسِهَا وَأَمَّا إذَا بَنَى عَلَيْهَا فَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَالسَّاجَةُ مِنْ وَجْهٍ كَالْأَصْلِ لِهَذَا الْبِنَاءِ فَيُهْدَمُ لِلرَّدِّ كَمَا إذَا بَنَى فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ (أَوْ لَبِنَةً بَنَى عَلَيْهَا) وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ تَمْثِيلَاتٌ لِلْأَعْيَانِ الْمَغْصُوبَةِ الْمُتَغَيِّرَةِ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ تَغَيُّرُهَا ظَاهِرٌ فِيمَا عَدَا السَّاجَةَ وَأَمَّا لِغَيْرِهَا فِيهَا فَلِأَنَّهَا كَانَتْ نَقْلِيَّةٌ وَالْآنَ صَارَتْ مِنْ الْعَقَارِ وَلِذَا اُسْتُحِقَّ بِالشُّفْعَةِ فَيَكُونُ هَالِكًا مِنْ وَجْهٍ وَمُتَغَيِّرًا مِنْ وَجْهٍ وَالتَّغَيُّرُ يُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الْمَالِكِ وَهُوَ يَمْلِكُهَا بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَهُوَ يُضَمِّنُهُ النُّقْصَانَ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ إنَّمَا يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ السَّاجَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَا تَزُولُ عَنْ مِلْكِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
(وَإِنْ جَعَلَ الْفِضَّةَ أَوْ الذَّهَبَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ) جَعَلَ الْفِضَّةَ أَوْ الذَّهَبَ (آنِيَةً لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الْمَجْعُولَ (وَهُوَ لِمَالِكِهِ بِلَا شَيْءٍ) فِي مُقَابَلَةِ الْجَعْلِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ وَالصَّنْعَةَ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ عِنْدَ مُقَابَلَتِهَا بِجِنْسِهَا لَا قِيمَةَ لَهَا وَلِهَذَا لَوْ غَصَبَ حُلِيًّا فَكَسَرَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ لَا يَضْمَنُ (وَعِنْدَهُمَا يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ (مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِتَبَدُّلِ الِاسْمِ بِالصَّنْعَةِ.
(فَإِنْ ذَبَحَ) الْغَاصِبُ (الشَّاةَ) بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَالْمَالِكُ) يُخَيَّرُ (إنْ شَاءَ طَرَحَهَا) أَيْ الشَّاةَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ (وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا) أَيْ الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ (أَوْ أَخَذَهَا) أَيْ الشَّاةَ (وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَهَا) أَيْ الشَّاةِ بِذَبْحِهَا لِوُجُودِ نُقْصَانِ بَعْضِ مَنَافِعِهَا كَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ دُونَ بَعْضٍ إذْ لَحْمُهَا مُنْتَفَعٌ بِهِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ إذَا أَخَذَ اللَّحْمَ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ وَالسَّلْخَ زِيَادَةٌ فِيهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ.
(وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهَا) أَيْ الشَّاةِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ كَالذَّبْحِ فِي الْحُكْمِ فَلَهُ الْخِيَارُ الْمَذْكُورُ فِي الذَّبْحِ (أَوْ قَطَعَ طَرَفَ دَابَّةٍ غَيْرِ مَأْكُولَةٍ) وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ أَيْضًا بَيْنَ تَضْمِينِ جَمِيعِ قِيمَتِهَا وَتَرْكِهَا لَهُ وَبَيْنَ تَضْمِينِ نُقْصَانِهَا لَكِنْ مَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَاتِ يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ مَأْكُولَةِ اللَّحْمِ يَضْمَنُ قَاطِعُ الطَّرَفِ جَمِيعَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ طَرَفِ الْعَبْدِ حَيْثُ يُضَمِّنُهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَعَ أَخْذِهِ انْتَهَى.
وَفِي الْفَرَائِدِ تَفْصِيلٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَمُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَشُرُوحِ الْكَنْزِ وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهَا وَبَعْضُهُمْ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَالْمُصَنِّفُ اخْتَارَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فَلِهَذَا قَالَ أَوْ قَطَعَ طَرَفَ دَابَّةٍ غَيْرِ مَأْكُولَةٍ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ انْتَهَى لَكِنَّ التَّسْوِيَةَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَقَطْ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَلَكِنْ يُضَمِّنُهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إنْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute