(فَهُوَ) أَيْ الْمَغْصُوبُ (لِلْغَاصِبِ وَلَا خِيَارَ لِلْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ لِادِّعَائِهِ هَذَا الْقَدْرَ وَيَنْفُذُ بَيْعُ الْغَاصِبِ ضِمْنَ الْقِيمَةِ بَعْدَ بَيْعِهِ.
(وَإِنْ ضَمِنَهُ) الْغَاصِبُ (بِقَوْلِهِ) أَيْ بِقَوْلِ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ (فَالْمَالِكُ) بِالْخِيَارِ (إنْ شَاءَ أَمْضَى الضَّمَانَ) أَيْ أَجَازَ بِأَنْ رَضِيَ بِالْبَدَلِ وَتَرَكَ الْمَغْصُوبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (أَوْ) إنْ شَاءَ (أَخَذَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ الظَّاهِرَ مِنْ الْغَاصِبِ (وَرَدَّ عِوَضَهُ) الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِزَوَالِ عَيْنِهِ بِهَذَا الْمِقْدَارِ لَادِّعَاءَهُ الزِّيَادَةَ فَيَصِيرُ أَخْذُهُ لِضَرُورَتِهِ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَالَ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ ظَهَرَ الْمَغْصُوبُ وَقِيمَتُهُ مِثْلُ مَا ضَمِنَهُ أَوْ أَقَلُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ مَا إذَا ضَمِنَهُ بِقَوْلِ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ الْكَرْخِيُّ لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَوَفَّرَ عَلَيْهِ مَالِيَّةُ مِلْكِهِ بِكَمَالِهِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(وَلَوْ بَرْهَنَ كُلٌّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ عَلَى الْهَلَاكِ عِنْدَ الْآخَرِ) أَيْ لَوْ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ رَدَّ الْمَغْصُوبَ إلَى الْمَالِكِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ وَأَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ هَلَكَ عِنْدَ الْغَاصِبِ (فَبَيِّنَةُ الْغَاصِبِ أَوْلَى) عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ ثَابِتٌ بِنَفْسِ الْغَصْبِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِهِ لَكِنَّ الْغَاصِبَ يَدَّعِي زَوَالَهُ وَالْمَالِكَ يُنْكِرُهُ فَبَيِّنَةُ الْغَاصِبِ تَكُونُ أَوْلَى.
وَفِي الْمَجْمَعِ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ بَيِّنَةَ الْمَالِكِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا مُثَبِّتَةٌ لِلضَّمَانِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ الْإِمَامِ شَيْءٌ.
وَفِي الْجَوَاهِرِ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ الْغَاصِبَ غَصَبَ هَذَا الْعَبْدَ وَمَاتَ عِنْدَهُ وَشَهِدَ شُهُودُ الْغَصْبِ أَنَّهُ مَاتَ فِي يَدِ الْمَالِكِ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْإِمْلَاءِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ وَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْغَاصِبَ غَصَبَ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ وَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ هُوَ أَوْ الْعَبْدُ فَالضَّمَانُ وَاجِبٌ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصْبَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْهُ وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ لَمْ تُقْبَلْ.
(وَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَبَاعَهُ) أَيْ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ (فَضَمَّنَهُ الْمَالِكُ) قِيمَتَهُ (نَفَذَ بَيْعُهُ) أَيْ بَيْعُ الْغَاصِبِ.
(وَإِنْ أَعْتَقَهُ فَضَمِنَهُ) بَعْدَهُ (لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ مِلْكَ الْغَاصِبِ نَاقِصٌ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مُسْتَنِدًا كَمَا مَرَّ وَهُوَ يَكْفِي لِنَفَاذِ الْبَيْعِ دُونَ الْعِتْقِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفُذُ مِنْ الْمُكَاتَبِ بَلْ مِنْ الْمَأْذُونِ دُونَ عِتْقِهِ.
(وَزَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ مَا لَمْ يَتَعَدَّ) الْغَاصِبُ (فِيهَا) أَيْ فِي الزَّوَائِدِ (أَوْ يَمْنَعُهَا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ إيَّاهَا) أَيْ الزَّوَائِدَ (سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَّصِلَةً كَالْحُسْنِ وَالسِّمَنِ أَوْ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ) ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ وَحُكْمُهَا هَذَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا لِوُجُودِ حَدِّ الْغَصْبِ لِمَا مَرَّ هُوَ إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ فَحَسْبُ عِنْدَهُ وَلَنَا أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ إخْرَاجُ الْعَيْنِ مِنْ أَنْ تَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهَا فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا إذَا وُجِدَ مَا يُفَوِّتُ حَقَّهُ كَالتَّعَدِّي وَالْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ فَحِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ